منها. (والله محيط بالكافرين) قال: " مقتدر عليهم، إن شاء أظهر لك نفاق منافقيهم وأبدى لك أسرارهم وأمرك بقتلهم " (1).
(يكاد البرق يخطف أبصرهم): يذهب بها. وذلك لان " هذا مثل قوم ابتلوا ببرق فنظروا إلى نفس البرق، لم يغضوا عنه أبصارهم، ولم يستروا منه وجوههم لتسلم عيونهم من تلألئه، ولم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلصوا فيه بضوء البرق.
فهؤلاء المنافقون يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي يشاهدونها ولا يتبصرون بها، ويجحدون الحق فيها، يبطل عليهم سائر ما علموه (2) من الأشياء التي يعرفونها، فإن من جحد حقا أداه ذلك إلى أن يجحد كل حق، فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه، كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب بصره " كذا ورد (3).
(كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا): وقفوا وتحيروا. " فهؤلاء المنافقون إذا رأوا ما يحبون في دنياهم، فرحوا وتيمنوا ببيعتهم وإظهار طاعتهم، وإذا رأوا ما يكرهون في دنياهم، وقفوا وتشأموا بها ". كذا ورد (4).
قيل: مثل اهتزازهم لما يلمع لهم من رشد يدركونه، أو رفد تطمح إليه أبصارهم، بمشيهم في مطرح ضوء البرق كلما أضاء لهم، وتحيرهم وتوقفهم في الامر حين تعرض لهم شبهة أو تعن لهم مصيبة، بتوقفهم إذا أظلم عليهم (5). وإنما قال مع الإضاءة " كلما "، ومع الاظلام " إذا "، لأنهم حراص على المشي، كلما صادفوا منه فرصة انتهزوها، ولا كذلك التوقف (6).