نعطيك الرضى، فاعفنا من المباهلة، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الجزية وانصرفوا " (1).
(إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله). رد على النصارى في تثليثهم.
(وإن الله لهو العزيز الحكيم): لا أحد سواه يساويه في القدرة التامة والحكمة البالغة ليشاركه في الألوهية.
(فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين). وعيد لهم. وضع المظهر موضع المضمر ليدل على أن التولي عن الحجج، والاعراض عن التوحيد إفساد للدين ويؤدي إلى إفساد النفوس بل وإلى إفساد العالم.
(قل يأهل الكتب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله): إن نوحده بالعبادة ونخلص فيها (ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله): ولا نقول عزير ابن الله ولا المسيح ابن الله ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم والتحليل.
ورد: إنه قيل: ما كنا نعبدهم يا رسول الله. قال: " أليس كانوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بقولهم؟ قال: نعم. قال: هو ذاك " (2). (فإن تولوا) عن التوحيد (فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) أي: لزمتكم الحجة، فاعترفوا بأنا مسلمون دونكم. وما أحسن ما راعى في هذه القصة من المبالغة في الارشاد وحسن التدرج في الحجاج. بين أولا أحوال عيسى وما تعاور عليه من الأطوار المنافية للإلاهية، ثم ذكر ما يزيح شبهتهم. فلما رأى عنادهم ولجاجهم دعاهم إلى المباهلة بنوع من الاعجاز، ثم لما أعرضوا عنها وانقادوا بعض الانقياد، عاد عليهم بالارشاد وسلك طريقا أسهل وألزم، بأن دعاهم إلى ما وافق عليه عيسى والإنجيل وساير الأنبياء والكتب. ثم لما لم يجد ذلك أيضا عليهم، وعلم أن الآيات والنذر لا تغني عنهم، أعرض عن ذلك، وقال: " اشهدوا بأنا مسلمون ".