تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٨
سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا قال: فإنك تأتيه، فتطوف به، فنحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدنة ودعا بحالقه فحلق شعره (1).
وعن محمد بن كعب: كان كاتب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الصلح علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما قال له: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، وجعل علي يتلكأ ويأبى أن يكتب إلا: محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال (عليه السلام):
فإن لك مثلها، تعطيها وأنت مضطهد، فكتب (2).
ولما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة ثم خرج إلى خيبر فأعطى اللواء أبا بكر وبعثه إلى القوم، فانطلق فلقي القوم ثم انكشف هو وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم بعث عمر بن الخطاب ونهض بمن نهض معه من الناس، فلقوا أهل خيبر فانكشف هو وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجبنه أصحابه ويجبنهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فبات الناس يدوكون بجملتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح قال: أين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقالوا: هويا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشتكي عينيه، فقال: أرسلوا إليه، فأتي به، فبصق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فبرز مرحب وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب (3)

(١) أنظر تاريخ الطبري: ج ٢ ص ٦٣٣ - ٦٣٤ من حوادث سنة ست من الهجرة.
(٢) سيرة ابن إسحاق: ص ٢٣١، وتفسير القمي: ج ٢ ص ٣٢٠.
(3) قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذا الليوث أقبلت تحرب كان حماي كالحمى لا يقرب
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»