تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٥
(سيقول) الذين تخلفوا عن الحديبية (إذا انطلقتم إلى مغانم) خيبر لتأخذوها (ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلم الله) وقرئ: " كلم الله " (1) أي:
موعد الله لأهل الحديبية خاصة بغنيمة خيبر عوضا من مغانم مكة (قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل) مرجعنا إليكم أن غنيمة خيبر عوضا لمن شهد الحديبية لا يشركهم فيها غيرهم (فسيقولون بل تحسدوننا) أن نصيب معكم من الغنائم ونشارككم فيها (بل كانوا) قوما (لا يفقهون) أي: لا يفهمون (إلا) فهما (قليلا) وهو فطنتهم لأمور الدنيا دون أمور الدين، والفرق بين حرفي الإضراب:
أن الأول إضراب من أن يكون ذلك حكم الله وإثبات للحسد، والثاني إضراب من وصفهم المؤمنين بالحسد وإثبات لجهلهم.
(قل للمخلفين) الذين تخلفوا عن الحديبية (ستدعون) فيما بعد (إلى قوم أولى بأس شديد) وهم هوازن وثقيف (أو يسلمون) معطوف على (تقاتلونهم)، أي: يكون أحد الأمرين: إما المقاتلة أو الإسلام، لا ثالث لهما، (فإن تطيعوا) وتجيبوا إلى قتالهم يأجركم الله، (وإن تتولوا) عن قتالهم (كما توليتم من قبل) عن الخروج إلى الحديبية (يعذبكم الله) في الآخرة.
(ليس على الأعمى حرج) نفى الحرج عن هؤلاء من ذوي العاهات في التخلف عن الغزو، وقرئ (يدخله) و (يعذبه) بالنون (2) والياء.
إنما سميت بيعة الرضوان بهذه الآية، بايعوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحديبية تحت الشجرة المعروفة وهي الشجرة السمرة (3) (فعلم ما في قلوبهم) من صدق النية

(١) وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٠٤.
(٢) قرأه نافع وابن عامر. راجع المصدر السابق.
(٣) السمرة: ضرب من شجر الطلح ومنه الحديث: " يا أصحاب السمرة ". (النهاية: مادة طلح).
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»