تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٣
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الموت (إنما يبايعون الله) هو كقوله: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ (1) ثم أكده تأكيدا بقوله: (يد الله فوق أيديهم) كأن يد رسول الله التي تعلو أيدي المبايعين يد الله، إذ هو جل جلاله منزه عن صفات الأجسام (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) لا يعود ضرر نكثه إلا عليه، ويقال: وفيت بالعهد وأوفيت به، وقرئ: (فسيؤتيه) بالنون (2) والياء.
(سيقول لك المخلفون من الأعراب) وهم الذين تخلفوا عن صحبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عام الحديبية لما أراد المسير إلى مكة معتمرا، وذلك في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، فاستنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت، وأحرم بالعمرة وساق معه الهدي ليعلم الناس أنه لا يريد حربا، فتثاقل عنه كثير من الأعراب فقالوا: نذهب معه إلى قوم قد جاؤوه فقتلوا كثيرا من أصحابه، فتخلفوا عنه واعتلوا بالشغل، وظنوا أنه لا ينقلب إلى المدينة ويهلك، و (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) هو تكذيب لهم في اعتذارهم، وإخبار عن ضمائرهم وأسرارهم، وأنهم لا يبالون استغفر لهم الرسول أم لا (قل فمن يملك لكم من الله شيئا) أي: فمن يمنعكم من مشيئة الله وقضائه (إن أراد بكم) ما يضركم من قتل أو موت (أو أراد بكم نفعا) من ظفر وغنم، وقرئ: " ضرا " (3) وهما لغتان، كالفقر والفقر، وقيل: إن الضر خلاف النفع، والضر: سوء الحال (4).

(١) النساء: ٨٠.
(٢) قرأه ابن كثير ونافع وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٠٣.
(٣) وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع المصدر السابق: ص ٦٠٤.
(٤) قاله أبو عبيد. راجع إعراب القرآن للنحاس: ج 4 ص 199.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»