محذوف: رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية: أن المسلمين يدخلون المسجد الحرام، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا، فلما انصرفوا من الحديبية ولم يدخلوا مكة قال المنافقون: ما حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام، فنزلت (1). أخبرهم بأن منامه حق وصدق، وأكد الدخول بالقسم.
وفي دخول (إن شاء الله) وجوه: أن يريد: لتدخلن جميعا إن شاء الله ولم يمت منكم أحد، ويريد: تعليم عباده أن يقولوا في عداتهم مثل ذلك متأدبين بأدب الله، أو: هو متعلق ب (ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين) أي: يحلق بعضكم ويقصر بعض وهو أن يؤخذ بعض الشعر، (فعلم ما لم تعلموا) من الحكمة والصلاح في الصلح المبارك لموقعه وتأخير فتح مكة (فجعل من دون ذلك) أي: من دون فتح مكة (فتحا قريبا) وهو فتح خيبر لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود.
و (هو الذي أرسل رسوله بالهدى) أي: بالقرآن وبالدليل الواضح (ودين الحق) وهو الإسلام (ليظهره) ليعليه على جنس (الدين كله)، يريد: الأديان المختلفة من أديان المشركين وأهل الكتاب، وهذا توكيد لما وعده سبحانه من الفتح، وتوطين لنفوس المؤمنين على أن الله تعالى سيفتح لهم من البلاد ما يستقلون إليه فتح مكة، وقيل: إن تمام ذلك عند خروج المهدي عجل الله فرجه فلا يبقى في الأرض دين غير دين الإسلام (2) (وكفى بالله شهيدا) على أن ما وعده كائن لا محالة.
(محمد) إما خبر مبتدأ أي: هو محمد؛ لتقدم قوله: (هو الذي أرسل