تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٠
امتحن فلان لأمر كذا وجرب فهو مضطلع به غير مقصر فيه، أو: وضع الامتحان موضع المعرفة؛ لأن الشيء إنما يتحقق بالاختبار، فكأنه قال: عرف الله قلوبهم للتقوى، ويكون اللام متعلقة بمحذوف كما في قولك: أنت لهذا الأمر، أي: كائن له ومختص به، قال:
أعداء من لليعملات على الوجى (1) وهي مع معمولها في موضع الحال. (إن الذين ينادونك من ورآء الحجرت) من خلفها وقدامها، و " من " لابتداء الغاية، وإن النداء إنشاء من ذلك المكان، والحجرة: البقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها، وهي فعلة بمعنى مفعولة كالغرفة والقبضة. والمراد حجرات نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وروي: أن وفد بني تميم أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقت الظهيرة وهو راقد فنادوه: يا محمد، اخرج إلينا! فاستيقظ فخرج، فنزلت (2).
(أكثرهم لا يعقلون) سجل عليهم بالسفه والجهل لما أقدموا عليه. (ولو أنهم صبروا) في محل رفع على الفاعلية، لأن المعنى: ولو ثبت صبرهم، والصبر: حبس النفس عن أن تنازع إلى هواها، وقولهم: " صبروا عن كذا " حذف منه المفعول وهو النفس، وهو حبس فيه شدة على المحبوس، ولذلك قيل للحبس على اليمين أو القتل: صبر، والفائدة في قوله: (إليهم) أنه لو خرج ولم يكن خروجه لأجلهم

(1) وعجزه: وأضياف بيت بيتوا لنزول. لعتبة بن مالك العقيلي يرثي عداء صاحبه ويصفه بأنه كان معدا لإغاثة المطايا الكثيرات العمل، ولأضياف بيته الذين كانوا يبيتون عنده لطلب الاستراحة. انظر شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 188.
(2) أخرجه الواحدي في أسباب النزول: ص 330 ح 805 عن جابر بن عبد الله. وفيه عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران أن يهلكا: أبو بكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قدم عليه ركب من بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس، وأشار الآخر برجل آخر فارتفعت أصواتهما في ذلك فنزلت.
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»