تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٤
لعلهم يهتدون (3) الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه ى من ولى ولا شفيع أفلا تتذكرون (4) يدبر الأمر من السمآء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون (5)) (تنزيل) مبتدأ وخبره (من رب العلمين)، و (لا ريب فيه) إعتراض أثبت أولا: أن تنزيل الكتاب من رب العالمين، وأن ذلك مما لا ريب فيه، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله: (أم يقولون افتراه): لأن (أم) هذه منقطعة إنكارا لقولهم، وتعجيبا منه لظهور الأمر في عجزهم عن الإتيان بسورة منه، ثم أضرب عن الإنكار إلى إثبات أنه (الحق من ربك) وقوله: (لتنذر قوما ما أتهم من نذير من قبلك) يعني: قريشا، إذ لم يأتهم نبي قبل نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) (لعلهم يهتدون) استعار لفظ الترجي للإرادة (ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع) هو على معنيين: أحدهما: أنكم إذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم وليا، أي: ناصرا ينصركم ولا شفيعا يشفع لكم، والآخر: أنه سبحانه وليكم الذي يتولى مصالحكم، وشفيعكم أي: ناصركم على سبيل المجاز؛ لأن الشفيع ينصر المشفوع له.
(يدبر الأمر) أي: أمر الوحي، فينزله مع جبرائيل من السماء إلى الأرض (ثم يعرج إليه) ما كان من قبول الوحي أو رده مع جبرائيل في وقت هو في الحقيقة (ألف سنة)، كأن المسافة في الهبوط والصعود مسيرة ألف سنة، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة، وهو يوم من أيامكم، فيقطع جبرئيل مسيرة ألف سنة مما يعده البشر في يوم واحد، وقيل: معناه: يدبر أمر الدنيا كلها
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»