تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٩
والأرض إن الله هو الغنى الحميد (26) ولو أنما في الأرض من شجرة أقلم والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمت الله إن الله عزيز حكيم (27) ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير (28)) (ما في السموات) الشمس والقمر والنجوم (وما في الأرض) الحيوان والنبات والبحار والأنهار وغير ذلك، وقرئ: " نعمة " (1) و (نعمه)، والنعمة: كل نفع قصد به وجه الإحسان، والله سبحانه خلق العالم كله نعمة، فما ليس بحيوان نعمة على الحيوان ينتفع به، وأما الحيوان فإيجاده حيا نعمة عليه، لأنه لولا إيجاده حيا لما صح منه الانتفاع، وكل ما أدى إلى الانتفاع وصححه فهو نعمة، والنعمة الظاهرة: كل ما يعلم بالمشاهدة، والباطنة: ما لا يعلم إلا بدليل أو غاب عن العباد علمه فلا يهتدون إليها.
(أولو كان الشيطان) معناه: أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم إلى العذاب؟ أي: في حال دعاء الشيطان إياهم.
(ومن يسلم وجهه إلى الله) أي: يفوض أمره إليه ويتوكل عليه (فقد استمسك بالعروة الوثقى) هو من باب التمثيل، مثلت حال المتوكل بحال من تدلى من موضع عال فاستمسك بعروة حبل وثيق يأمن انقطاعه.
وقرئ (فلا يحزنك) و " يحزنك " (2) من حزن وأحزن، والذي عليه الاستعمال: أحزنه، ويحزنه، والمعنى: لا يهمنك كفر من كفر وكيده للإسلام، فإن الله سبحانه ينتقم منه (إن الله) يعلم ما في صدور عباده، لا يخفى عليه شيء.
(نمتعهم) زمانا قليلا بدنياهم (ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ) شبه إلزامهم

(1) وهي قراءة أبي عمرو برواية علي بن نصر وعبيد بن عقيل عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 513.
(2) وهي قراءة نافع وحده. راجع كتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 365.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»