تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٩
الانتقام منهم، أي: فذوقوا العذاب، أي: ما أنتم فيه من نكس الرؤوس والغم والخزي بسبب نسيان اللقاء.
وذوقوا عذاب الخلد في جهنم بسبب ما عملتم و (ذكروا بها) أي: وعظوا فتذكروا واتعظوا بأن سجدوا شكرا لله سبحانه على أن هداهم لمعرفته وتواضعا وخشوعا (وسبحوا) ونزهوا الله من نسبة القبائح إليه، وأثنوا عليه حامدين له.
(تتجافى جنوبهم) أي: ترتفع وتتنحى عن المضاجع، وهي الفرش ومواضع النوم والاضطجاع، وهم المتهجدون بالليل الذين يقومون لصلاة الليل (يدعون ربهم) لأجل خوفهم من سخطه وطمعهم في رحمته.
وعن بلال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد " (1).
وعنه (عليه السلام): " شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه كف الأذى عن الناس " (2).
وقرئ: " ما أخفى لهم " على البناء للفاعل (3)، وهو الله عز وجل، و (ما) بمعنى " الذي " أو بمعنى " أي "، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " قرات أعين " (4)، أي:
لا تعلم النفوس كلهن، ولا نفس واحدة منهن، ولا ملك مقرب، ولا نبي مرسل أي نوع عظيم من الثواب خبئ وادخر لأولئك، أو: أي ذلك أخبئ وأدخر لهم مما تقر به عيونهم، ولا مزيد على هذه العدة ولا مطمع لهمة وراءها.

(١) رواه الحاكم في المستدرك: ج ١ ص ٣٠٨ والهيثمي في المجمع: ج ٢ ص ٢٥١.
(٢) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: ج ٤ ص ٤٥ والزبيدي في الاتحاف: ج ٨ ص ١٦٩.
(٣) قرأه حمزة ويعقوب. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٦١٣.
(٤) أنظر مختصر شواذ القرآن لابن خالويه: ص 119.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 45 ... » »»