تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٠
التعذيب باضطرار المضطر إلى الشيء الذي لا يقدر على الانفكاك منه، والمراد بالغلظ: الشدة والثقل على المعذب.
(قل الحمد لله) إلزام لهم على إقرارهم بأن الذي خلق السماوات والأرض هو الله وحده، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر، وأن لا يعبد معه غيره (بل أكثرهم لا يعلمون) أن ذلك يلزمهم. (إن الله هو الغنى) عن حمد الحامدين، المستحق للحمد وإن لم يحمدوه.
وقرئ: " والبحر " بالنصب (1) عطفا على اسم " إن "، وبالرفع عطفا على محل " إن " ومعمولها، أي: ولو ثبت كون الأشجار أقلاما، وثبت البحر ممدودا بسبعة أبحر، أو: على الابتداء والواو للحال على معنى: ولو أن الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدودا، وهي من الأحوال التي حكمها حكم الظروف، ولا يعود منها ضمير إلى ذي الحال، كبيت امرئ القيس:
وقد أغتدي والطير في وكناتها * بمنجرد قيد الأوابد هيكل (2) جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة، وجعل الأبحر السبعة مملوءة مدادا، فهي تصب فيه مدادها أبدا صبا لا ينقطع، فمعناه: ولو أن أشجار الأرض أقلام والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله، لنفدت الأقلام والمداد وما نفدت كلمات الله.
وقرأ الصادق (عليه السلام): " والبحر مداده " (3) ويقوي الوجه الثاني.
والأولى أن يكون (كلمات الله) عبارة عن مقدوراته ومعلوماته، لأنها

(1) قرأه البصريان (أبو عمرو ويعقوب). راجع كتاب العنوان في القراءات لابن خلف: ص 152.
(2) والبيت من معلقته المشهورة، وفيه يتمدح بالفروسية ويتفاخر بها، يقول: ربما باكرت الصيد قبل نهوض الطير من أوكارها على فرس ماض في سيره، قليل شعره، عظيم لوحه.
راجع ديوان امرئ القيس: ص 51.
(3) حكاها عنه (عليه السلام) القرطبي في تفسيره: ج 14 ص 77.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»