تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٧
(أءنا لفي خلق جديد) وهو " نبعث " أو " يجدد خلقنا "، (لقاء ربهم) هو الوصول إلى العاقبة من تلقي ملك الموت وما ورائه.
ولما ذكر كفرهم بالإنشاء أضرب عنه إلى ما هو أبلغ في الكفر، وهو أنهم كافرون بجميع ما يكون في العاقبة لا بالإنشاء وحده، ألا ترى كيف خوطبوا بالتوفي وبالرجوع إلى ربهم بعد ذلك مبعوثين للجزاء؟ وهذا معنى " لقاء الله " والتوفي: استيفاء النفس وهي الروح، وهي أن تقبض كلها لا يترك منها شيء، من قولهم: توفيت حقي واستوفيته.
وعن ابن عباس: جعلت الدنيا لملك الموت مثل الجام، يأخذ منها ما يشاء إذا حان القضاء (1).
وعن قتادة: إن له أعوانا من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، أي: يتوفاهم ومعه أعوانه (2). وقيل: يدعو الأرواح فتجيبه ثم يأمر أعوانه بقبضها (3).
(ولو ترى) خطاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجواب (لو) محذوف، أي:
لرأيت أمرا فظيعا عظيما وحالا سيئة، ويجوز أن يكون خطابا لكل أحد، كما يقال:
فلان لئيم إن أكرمته أهانك، ولا يريد مخاطبا بعينه؛ و (إذ) ظرف للرؤية (ناكسوا رءوسهم) مطرقوها ومطأطئوها حياء وذلا، يستغيثون بقولهم: (ربنا أبصرنا وسمعنا) فلا يغاثون، والمعنى: أبصرنا صدق وعدك ووعيدك، وسمعنا منك تصديق رسلك، أو: كنا عميا وصما فأبصرنا وسمعنا (فارجعنا) إلى الدنيا نعمل صالحا (إنا موقنون) اليوم.

(1) تفسير ابن عباس: ص 348.
(2) حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 10 ص 236.
(3) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 509.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»