تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٠
فيها، ثم فسرها ب‍ (ذكرى الدار) شهادة لذكرى الدار بالخلوص والصفاء، وأن الكدورة منتفية عنها. وقرئ: " بخالصة ذكرى " على الإضافة (1)، والمعنى: بما خلص من ذكرى الدار، على أنهم لا يشوبون ذكرى الدار بهم آخر، إنما همهم ذكرى الدار لا غير، ومعنى (ذكرى الدار): ذكرهم الآخرة دائما ونسيانهم إليها ذكر الدنيا، أو: تذكيرهم الآخرة وترغيبهم فيها وتزهيدهم في الدنيا كما هو شأن الأنبياء، وقيل: ذكرى الدار: الثناء الجميل في الدنيا، ولسان الصدق الذي ليس لغيرهم (2) والمعنى: أخلصناهم بسبب هذه الخصلة وبأنهم من أهلها، أو:
أخلصناهم بتوفيقهم لها. (لمن المصطفين) أي: المختارين من بين أبناء جنسهم (الأخيار) جمع خير أو خير على التخفيف، كأموات في جمع " ميت " أو " ميت ".
(واليسع) كان حرف التعريف دخل على " يسع "، وقرئ: " والليسع " (3) كان حرف التعريف دخل على " اليسع " فيعل من " اللسع "، والتنوين في (وكل) عوض عن المضاف إليه، أي: وكلهم من الأخيار.
(هذا ذكر) أي: نوع من الذكر وهو القرآن، ولما أجرى ذكر الأنبياء وأتمه قال: (هذا ذكر) كما يقال: هذا باب، ثم ذكر عقيبه الجنة وأهلها فقال: (وإن للمتقين لحسن مآب) أي: حسن منقلب ومرجع، ولما أتم ذكر الجنة وأراد أن يعقبه بذكر أهل النار قال: (هذا وإن للطغين لشر مآب)، وقيل: معناه: هذا ذكر جميل وشرف يذكرون به أبدا (4). وعن ابن عباس: هذا ذكر من مضى من

(1) وهي قراءة نافع وحده. راجع المصدر السابق.
(2) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 99.
(3) أي بلامين الأولى ساكنة والثانية مفتوحة مشددة مع إسكان الياء، قرأه حمزة والكسائي.
راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 404.
(4) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 100.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»