تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٣
والمراد بالفوج: أتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة، فيقتحمون معهم النار (لا مرحبا بهم) دعاء منهم على أتباعهم، أي: لا نالوا رحبا وسعة (إنهم) لازموا (النار) فيقول الأتباع: (بل أنتم) لا اتسعت لكم أماكنكم، أنتم حملتمونا على ما أوجب لنا النار، والضمير في (قدمتموه) للعذاب، تقول لمن تدعو له: مرحبا، أي: أتيت رحبا من البلاد لا ضيقا، أو: رحبت بلادك رحبا، ثم تدخل عليه " لا " في دعاء السوء، و (بهم) بيان للمدعو عليهم.
قال الأتباع أيضا: (ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا) أي: مضاعفا، ومعناه: ذا ضعف، وهو أن يزيد على عذابه ضعفه أي: مثله فيصير ضعفين كقوله:
﴿ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب﴾ (1).
(لا نرى رجالا) يعنون فقراء المؤمنين الذين لا يؤبه بهم (من الأشرار) الذين لا خير فيهم، ولأنهم كانوا على خلاف دينهم فعدوهم أشرارا.
وعن الباقر (عليه السلام): " يعنونكم، لا يرون والله واحدا منكم في النار ".
(أتخذنهم سخريا) قرئ بلفظ الإخبار (2) على أنه صفة ل‍ (رجالا)، وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستسخار منهم، وقوله: (أم زاغت عنهم الأبصر) فيه وجهان: أحدهما: أن يتصل بقوله: (ما لنا) أي: ما لنا لا نراهم في النار كأنهم ليسوا فيها، بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها، والثاني: أن يتصل ب‍ (أتخذنهم سخريا) ويكون (أم) متصلة بمعنى:
أي الفعلين فعلنا بهم: الاستسخار منهم أم تحقيرهم وازدراءهم، وأن أبصارنا كانت تحتقرهم على معنى: إنكار الأمرين على أنفسهم، أو منقطعة بعد مضي (أتخذنهم

(١) الأحزاب: ٦٨.
(2) قرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 556.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»