تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٩٥
عن ذكر ربي، والخير: المال كما في قوله: ﴿وإنه لحب الخير لشديد﴾ (١) وقوله:
﴿إن ترك خيرا﴾ (2). والمال هنا: الخيل التي شغلته، وسمى الخيل خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها، كقوله (عليه السلام): " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة " (3).
وقال (عليه السلام) في زيد الخيل حين وفد عليه وأسلم: " أنت زيد الخير " (4).
(حتى توارت بالحجاب) الضمير للشمس أي: غربت، وهو مجاز عن تواري الملك بحجابه، ويدل عليه مرور ذكر " العشي "، ولا بد للمضمر من جري ذكر أو دليل ذكر، وقيل: الضمير ل‍ (الصفنت) أي: حتى توارت بحجاب الليل يعني:
الظلام (5). (فطفق مسحا) أي: فجعل يمسح مسحا، أي: يمسح بالسيف سوقها وأعناقها يعني: يقطعها، يقال: مسح علاوته: إذا ضرب عنقه، ومسح المسفر الكتاب إذا قطع أطرافه بسيفه، وقيل: مسحها بيده استحسانا لها وإعجابا بها ثم جعلها مسبلة في سبيل الله (6)؛ والسوق: جمع الساق، كأسد في جمع الأسد، واتصل قوله: (ردوها على) بمحذوف تقديره: " قال: ردوها علي "، فأضمر ما هو جواب له، كأن قائلا قال: فماذا قال سليمان؟ لأنه موضع مقتض للسؤال اقتضاء

(١) العاديات: ٨.
(٢) البقرة: ١٨٠.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده: ج ٢ ص ١٣ و ٢٨، ومالك في موطئه: ج ٢ ص ٤٦٧ بالاسناد عن ابن عمر.
(٤) رواه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٩٢. وزيد هذا هو زيد بن مهلهل بن يزيد الطائي من الشعراء الفرسان المخضرمين قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله: الأناة والحلم " أصابته الحمى فمات في أثرها. أنظر الأغاني لأبي فرج الإصفهاني:
ج ٦ ص ٤٦ وما بعده.
(٥) حكاه ابن عيسى كما في تفسير الماوردي: ج ٥ ص ٩٣.
(٦) قاله ابن عباس. راجع التبيان: ج ٨ ص ٥٦١.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»