تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٥
(ما كان لي من علم) بكلام (الملا الأعلى) وقت اختصامهم. و (إذ قال) بدل من (إذ يختصمون). و (الملا الأعلى) هم أصحاب القصة المذكورة بعد: عن الملائكة وآدم وإبليس، لأنهم كانوا في السماء وكان التقاول بينهم. قرئ:
" إنما " (١) بالكسر على الحكاية، أي: ما (يوحى إلى إلا) هذا القول، وهو أن أقول لكم: (إلا أنمآ أنا نذير مبين)، وقرئ: (أنما) بالفتح أي: لأنما، ومعناه: ما يوحى إلي إلا للإنذار، فحذف اللام فوصل الفعل، ويجوز أن يكون مرفوع الموضع، أي:
ما يوحى إلي إلا هذا القول، وهو أن أنذر وأبلغ ولا أفرط في ذلك.
(لما خلقت بيدي) لما توليت خلقه بنفسي من غير واسطة، وذلك أن الإنسان لما كان يباشر أكثر أعماله بيده غلب العمل باليدين على سائر الأعمال التي بغيرها حتى قالوا في عمل القلب: هذا مما عملت يداك، وقالوا لمن لا يدين له: " يداك أوكتا وفوك نفخ " (٢)، ومنه قوله تعالى: ﴿مما عملت أيدينا﴾ (3) (ولما خلقت بيدي). وقيل: إن العرب تطلق لفظة " اليدين " للقدرة والقوة (4)، كما قال الشاعر:
تحملت من عفراء ما ليس لي به * ولا للجبال الراسيات يدان (5) (أستكبرت) أو رفعت نفسك فوق قدرها أم كنت من الذين علت أقدارهم عن السجود؟ (فاخرج منها) من الجنة، وقيل: من السموات (6)، وقيل: من

(١) وهي قراءة أبي جعفر المدني. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص ١٣١.
(٢) وأصله: أن رجلا أراد أن يعبر بحرا على زق قد نفخ فيه فلم يحسن إحكامه حتى إذا توسط البحر انحل وكاؤه وخرجت منه الريح فغرق، فاستغاث فقيل له ذلك، ويضرب لمن يجني على نفسه. أنظر مجمع الأمثال للميداني: ج ٢ ص ٣٧٨.
(٣) يس: ٧١.
(٤) وهو قول علي بن عاصم. راجع تفسير الماوردي: ج ٥ ص ١١١.
(٥) لعروة بن حزام. والبيت واضح المعنى، وفي النسخ: " زلفاء " والصحيح ما أثبتناه. راجع تفسير الماوردي: ج ٥ ص ١١١.
(٦) قاله الحسن البصري. راجع التبيان: ج ٨ ص ٥٨٤.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»