تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٩٣
(يداوود إنا جعلنك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (26) وما خلقنا السمآء والأرض وما بينهما بطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (27) أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصلحت كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار (28) كتب أنزلنه إليك مبرك ليدبروا ءايته ى وليتذكر أولوا الالبب (29)) أي: (جعلنك خليفة) ممن كان قبلك من الأنبياء، أو: استخلفناك على الملك في الأرض (بما نسوا) أي: بنسيانهم (يوم الحساب)، أو: لهم عذاب يوم القيامة بسبب نسيانهم، وهو ضلالهم عن سبيل الله.
(بطلا) أي: خلقا باطلا لا لغرض صحيح وحكمة بالغة، أو: مبطلين عابثين ذوي باطل، أو وضع (بطلا) موضع " عبثا "، كما وضع " هنيئا " موضع المصدر وهو صفة، أي: وما خلقناهما وما بينهما للعبث ولكن للحق المبين، وهو أنا خلقنا نفوسا أودعناها العقل والتمييز، وعرضنا للمنافع العظيمة، بالتكليف، وأعددنا لها الجزاء على حسب أعمالها (ذلك) إشارة إلى خلقها باطلا، والظن بمعنى المظنون، أي: خلقها للعبث لا للحكمة، والغرض الصحيح مظنون (الذين كفروا)، ولما كان إنكارهم للبعث مؤديا إلى أن خلقها عبث جعلوا كأنهم يظنون ذلك، لأن الجزاء هو الذي ساق إليه الحكمة في خلق العالم، فمن أنكره فقد أنكر الحكمة، ومن أنكر الحكمة في خلق العالم فقد أظهر أنه لا يقدره حق قدره.
(أم) منقطعة، ومعنى الاستفهام فيها الإنكار، والمعنى: أنه لو بطل الجزاء
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»