إلا أنه على سبيل الهزء، و (هنالك) إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم، كما يقول لمن ينتدب لأمر ليس من أهله: لست هنالك، وقيل: إشارة إلى مصارعهم، وجاء تأويله يوم بدر (1).
(ذو الأوتاد) مستعار لثبات ملكه، كما قال الأسود:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة * في ظل ملك ثابت الأوتاد (2) وقيل: كان يعذب الناس بالأوتاد (3). (أولئك الأحزاب) وقصد بهذه الإشارة الإعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم، وأنهم الذين وجد منهم التكذيب، وذكر تكذيبهم على وجه الإبهام في الجملة الخبرية، ثم أوضح ذلك في الجملة الاستثنائية، بأن كل واحد من الأحزاب (كذب) جميع (الرسل) لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم فقد كذبوا جميعهم (فحق عقاب) أي:
فوجب لذلك أن أعاقبهم حق عقابهم.
(وما ينظر) أي: وما ينتظر هؤلاء، يعني كفار مكة (إلا صيحة وحدة) ما لتلك الصيحة (من فواق) قرئ بفتح الفاء وضمها (4)، أي: ما لها من توقف مقدار فواق، وهو ما بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع، يعني: إذا جاء وقتها لم تستأخر هذا المقدار من الوقت، وعن ابن عباس: ما لها من رجوع وترداد (5)، من أفاق المريض: إذا رجع إلى الصحة، وفواق الناقة: ساعة يرجع الدر إلى ضرعها،