تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٩٠
(يسبحن) حال، واختير على " مسبحات " وإن كان في معناه ليدل على حدوث التسبيح من الجبال حالا بعد حال. وكان داود إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح، واجتمعت إليه الطير فسبحت، فذلك حشرها: كل واحد من الجبال والطير (له) لأجل داود، اي: لأجل تسبيحه؛ لأنها كانت تسبح بتسبيحه وضع " الأواب " موضع " المسبح " إما لأنها كانت ترجع التسبيح، والمرجع: رجاع لأنه يرجع إلى فعله رجوعا بعد رجوع، وإما لأن " الأواب " وهو التواب يكثر الرجوع إلى مرضاة الله ويديم تسبيحه وذكره، وقيل: الضمير في (له) " لله " أي: كل من داود والجبال والطير لله مسبح يرجع التسبيح (1).
(وشددنا ملكه) قويناه (وءاتينه الحكمة) وهي الزبور وعلم الشرائع، وقيل: كل كلام وافق الحق فهو حكمة (2)، و (فصل الخطاب) فصل بمعنى:
مفصول ك‍ " ضرب الأمير "، وهو الكلام البين الملخص الذي تبينه من يخاطب به ولا يلتبس عليه، أو بمعنى: " فاصل " ك‍ " صوم " و " زور "، أي: الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الحق والباطل، والصحيح والفاسد، وهو كلامه في القضايا والحكومات وتدابير الملك. وعن علي (عليه السلام): هو قوله: " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " (3)، وهو من الفصل بين الحق والباطل، ويدخل فيه قول بعضهم: هو قوله: " أما بعد ".
(وهل أتك نبؤا الخصم) ظاهره الاستفهام، ومعناه: الدلالة على أنه من الأنباء العجيبة التي حقها أن لا تخفى، والخصم: الخصماء، وهو يقع على الواحد

(١) قاله الجبائي. راجع التبيان: ج ٨ ص ٥٥٠.
(2) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 80.
(3) رواه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»