____________________
جميع الناس يوم الفتح إلا أربعة هي أحدهم، فاستحضر رسول الله حاطبا وقال: ما حملك عليه؟ فقال: يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش " وروى " عزيزا فيهم: أي غريبا، ولم أكن من أنفسها وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري، فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا، وقد علمت أن الله تعالى ينزل عليهم بأسه وأن كتابي لا يغنى عنهم شيئا، فصدقه وقبل عذره، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم؟ ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم فنزلت ". عدى اتخذ إلى مفعوليه وهما عدوى وأولياء والعدو فعول من عدا كعفو من عفا ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد. فإن قلت: (تلقون) بم يتعلق؟ قلت: يجوز أن يتعلق بلا تتخذوا حالا من ضميره وبأولياء صفة له، ويجوز أن يكون استئنافا. فإن قلت: إذا جعلته صفة لأولياء وقد جرى على غير من هوله فأين الضمير البارز وهو قولك تلقون إليهم أنتم بالمودة؟ قلت: ذلك إنما اشترطوه في الأسماء دون فعل الأفعال لو قيل أولياء ملقين إليهم بالمودة على الوصف لما كان بد من الضمير البارز، والإلقاء عبارة عن إيصال المودة والإفضاء بها إليهم، يقال ألقى إليه خراشي صدره وأفضى إليه بقشوره. والباء في (بالمودة) إما زائدة مؤكدة للتعدي مثلها في - ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة - وإما ثابتة على أن مفعول تلقون محذوف معناه تلقون إليهم أخبار رسول الله بسبب المودة التي بينكم وبينهم. وكذلك قوله - تسرون إليهم بالمودة - أي تفضون إليهم بمودتكم سرا، أو تسرون إليهم أسرار رسول الله بسبب المودة. فإن قلت: (وقد كفروا) حال مما ذا؟ قلت: إما من لا تتخذوا وإما من تلقون: أي لا تتولوهم، أو توادونهم وهذه حالهم. و (يخرجون) استئناف كالتفسير لكفرهم وعتوهم أو حال من كفروا، و (أن تؤمنوا) تعليل ليخرجون: أي يخرجونكم لإيمانكم و (إن كنتم خرجتم) متعلق بلا تتخذوا: يعنى لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي، وقول النحويين في مثله هو شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه و (تسرون) استئناف ومعناه: أي طائل لكم في إسراركم وقد علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي لا تفاوت بينهما. وأنا مطلع رسولي على ما تسرون (ومن يفعله) ومن يفعل هذا الإسرار فقد أخطأ الحق والصواب. وقرأ الجحدري لما جاءكم: أي كفروا لأجل ما جاءكم بمعنى: أن ما كان يجب