لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم
____________________
من القول الذي هو أسوة حسنة فما بال قوله (وما أملك لك من الله من شئ) وهو غير حقيق بالاستثناء، ألا ترى إلى قوله - قل فمن يملك من الله شيئا - قلت: أراد استثناء جملة قوله لأبيه والقصد إلى موعد الاستغفار له وما بعده مبنى عليه وتابع له كأنه قال: أنا أستغفر لك وما في طاقتي إلا الاستغفار. فإن قلت: بم اتصل قوله (ربنا عليك توكلنا)؟ قلت: بما قبل الاستثناء وهو من جملة الأسوة الحسنة. ويجوز أن يكون المعنى: قولوا ربنا أمرا من الله تعالى للمؤمنين بأن يقولوه وتعليما منه لهم تتميما لما وصاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفار والائتساء بإبراهيم وقومه في البراءة منهم وتنبيها على الإثابة إلى الله والاستعاذة به من فتنة أهل الكفر والاستغفار مما فرط منهم.
وقرئ برآء كشركاء، وبراء كظراف، وبراء على إبدال الضم من الكسر كرخال ورباب، وبراء على الوصف بالمصدر، والبراء والبراءة كالظماء والظماءة. ثم كرر الحث على الائتساء بإبراهيم وقومه تقريرا وتأكيدا عليهم، ولذلك جاء به مصدرا بالقسم لأنه الغاية في التأكيد، وأبدل عن قوله (لكم) قوله (لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) وعقبه بقوله (ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد) فلم يترك نوعا من التوكيد إلا جاء به. ولما نزلت هذه الآيات تشدد المؤمنون في عداوة آبائهم وأبنائهم وجميع أقربائهم من المشركين ومقاطعتهم، فلما رأى الله عز وجل منهم الجد والصبر على الوجد الشديد وطول التمني للسبب الذي يبيح لهم الموالاة والمواصلة رحمهم فوعدهم تيسير ما تمنوه، فلما يسر فتح مكة أظفر هم الله بأمنيتهم فأسلم قومهم وتم بينهم من التحاب والتصافي ماتم. وقيل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة فلانت عند ذلك عريكة أبي سفيان واسترخت شكيمته في العداوة، وكانت أم حبيبة قد أسلمت وهاجرت مع زوجها عبد الله بن أبي جحش إلى الحبشة فتنصر وأرادها على النصرانية فأبت وصبرت على دينها ومات زوجها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي فخطبها عليه وساق عنه إليها مهرها أربعمائة دينار، وبلغ ذلك أباها فقال: ذلك أباها فقال: ذلك الفحل لا يقدع أنفه، و (عسى) وعد من الله على عادات الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى أو لعل فلا تبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك، أو قصد به إطماع المؤمنين، والله قدير على تقليب القلوب وتغيير الأحوال وتسهيل أسباب المودة (والله غفور رحيم) لمن أسلم من المشركين (أن تبروهم) بدل من الذين لم يقاتلوكم. وكذلك أن تولوهم من الذين قاتلوكم، والمعنى: لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء وإنما ينهاكم عن تولى هؤلاء، وهذا أيضا رحمة لهم لتشددهم وجدهم في العداوة متقدمة لرحمته بتيسير إسلام قومهم حيث رخص لهم في صلة من لم يجاهر منهم بقتال المؤمنين وإخراجهم من ديارهم. وقيل أراد بهم خزاعة وكانوا صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه. وعن مجاهد: هم الذين
وقرئ برآء كشركاء، وبراء كظراف، وبراء على إبدال الضم من الكسر كرخال ورباب، وبراء على الوصف بالمصدر، والبراء والبراءة كالظماء والظماءة. ثم كرر الحث على الائتساء بإبراهيم وقومه تقريرا وتأكيدا عليهم، ولذلك جاء به مصدرا بالقسم لأنه الغاية في التأكيد، وأبدل عن قوله (لكم) قوله (لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) وعقبه بقوله (ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد) فلم يترك نوعا من التوكيد إلا جاء به. ولما نزلت هذه الآيات تشدد المؤمنون في عداوة آبائهم وأبنائهم وجميع أقربائهم من المشركين ومقاطعتهم، فلما رأى الله عز وجل منهم الجد والصبر على الوجد الشديد وطول التمني للسبب الذي يبيح لهم الموالاة والمواصلة رحمهم فوعدهم تيسير ما تمنوه، فلما يسر فتح مكة أظفر هم الله بأمنيتهم فأسلم قومهم وتم بينهم من التحاب والتصافي ماتم. وقيل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة فلانت عند ذلك عريكة أبي سفيان واسترخت شكيمته في العداوة، وكانت أم حبيبة قد أسلمت وهاجرت مع زوجها عبد الله بن أبي جحش إلى الحبشة فتنصر وأرادها على النصرانية فأبت وصبرت على دينها ومات زوجها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي فخطبها عليه وساق عنه إليها مهرها أربعمائة دينار، وبلغ ذلك أباها فقال: ذلك أباها فقال: ذلك الفحل لا يقدع أنفه، و (عسى) وعد من الله على عادات الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى أو لعل فلا تبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك، أو قصد به إطماع المؤمنين، والله قدير على تقليب القلوب وتغيير الأحوال وتسهيل أسباب المودة (والله غفور رحيم) لمن أسلم من المشركين (أن تبروهم) بدل من الذين لم يقاتلوكم. وكذلك أن تولوهم من الذين قاتلوكم، والمعنى: لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء وإنما ينهاكم عن تولى هؤلاء، وهذا أيضا رحمة لهم لتشددهم وجدهم في العداوة متقدمة لرحمته بتيسير إسلام قومهم حيث رخص لهم في صلة من لم يجاهر منهم بقتال المؤمنين وإخراجهم من ديارهم. وقيل أراد بهم خزاعة وكانوا صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه. وعن مجاهد: هم الذين