الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٨٤
يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدروهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون. وللذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا
____________________
من قبل المهاجر بن لأنهم سبقوهم في تبوء دار الهجرة والإيمان، وقيل من قبل هجرتهم (ولا يجدون) ولا يعلمون في أنفسهم (حاجة مما أوتوا) أي طلب محتاج إليه مما أوتى المهاجرين من الفئ وغيره والمحتاج إليه يسمى حاجة يقال خذ منه حاجتك وأعطاه من ماله حاجته: يعنى أن نفوسهم لم تتبع ما أعطوا ولم تطمح إلى شئ منه يحتاج إليه (ولو كان بهم خصاصة) أي خلة وأصلها خصاص البيت وهى فروجه، والجملة في موضع الحال: أي مفروضة خصاصتهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بنى النضير على المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة نفر محتاجين أبا دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحرث بن الصمة وقال لهم: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شئ من الغنيمة، فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة، ولا نشاركهم فيها فنزلت. الشح بالضم والكسر وقد قرئ بهما: اللؤم وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع كما قال:
يمارس نفسا بين جنبيه كزة * إذا هم بالمعروف قالت له مهلا وقد أضيف إلى النفس لأنه غريزة فيها، وأما البخل فهو المنع نفسه، ومنه قوله تعالى - وأحضرت الأنفس الشح - (ومن يوق شح نفسه) ومن غلب ما أمرته به منه وخالف هواها بمعونة الله وتوفيقه (فأولئك هم المفلحون) الظافرون بما أرادوا. وقرئ ومن يوق (والذين جاءوا من بعدهم) عطف أيضا على المهاجرين وهم الذين هاجروا
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»