____________________
الله لعبده بإنعامه عليه متفضلا من غير سابقة، وأما التقدير فليس بإهانة له لان الاخلال بالتفضل لا يكون إهانة ولكن تركا للكرامة، وقد يكون المولى مكرما لعبده ومهينا له وغير مكرم ولا مهين، وإذا أهدى لك زيد هدية قلت أكرمني بالهدية ولا تقول أهانني ولا أكرمني إذا لم يهد لك. فإن قلت: فقد قال فأكرمه فصحح إكرامه وأثبته ثم أنكر قوله ربى أكرمن وذمه عليه كما أنكر قوله - أهانن - وذمه عليه. قلت: فيه جوابان: أحدهما أنه إنما أنكر قوله ربى أكرمن وذمه عليه لأنه قاله على قصد خلاف ما صححه الله عليه وأثبته وهو قصده إلى أن الله أعطاه ما أعطاه إكراما له مستحقا مستوجبا على عادة افتخارهم وجلالة أقدارهم عندهم كقوله - إنما أوتيته على علم عندي - وإنما أعطاه الله على وجه التفضل من غير استيجاب منه له ولا سابقة مما لا يعتد الله إلا به وهو التقوى دون الأنساب والأحساب التي كانوا يفتخرون بها ويرون استحقاق الكرامة من أجلها. والثاني أن ينساق الانكار والذم إلى قوله - ربى أهانن - يعنى أنه إذا تفضل عليه بالخير وأكرم به اعترف بتفضل الله وإكرامه، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هوانا وليس بهوان، ويعضد هذا الوجه ذكر الاكرام في قوله فأكرمه. وقرئ فقدر بالتخفيف والتشديد، وأكرمن وأهانن بسكون النون في الوقف فيمن ترك الياء في الدرج مكتفيا منها بالكسرة (كلا) ردع للانسان عن قوله، ثم قال: بل هناك شر من هذا القول وهو أن الله يكرمهم بكثرة المال فلا يؤدون ما يلزمهم فيه من إكرام اليتيم بالتفقد والمبرة وحض أهله على طعام المسكين ويأكلونه أكل الانعام ويحبونه فيشحون به. وقرئ