الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٣٧
سورة البروج مكية. وهى ثنتان وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم والسماء ذات البروج. واليوم الموعود. وشاهد ومشهود. قتل أصحاب الأخدود
____________________
سورة البروج مكية. وهى ثنتان وعشرون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) هي البروج الاثنا عشر وهى قصور السماء على التشبيه، وقيل البروج: النجوم التي هي منازل القمر، وقيل عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها، وقيل أبواب السماء (واليوم الموعود) يوم القيامة (وشاهد ومشهود) يعنى وشاهد في ذلك اليوم ومشهود فيه، والمراد بالشاهد من يشهد فيه من الخلائق كلهم، وبالمشهود ما في ذلك اليوم من عجائبه، وطريق تنكريهما إما ما ذكرته في قوله - وعلمت نفس ما أحضرت - كأنه قيل: وما أفرطت كثرته من شاهد ومشهود، وإما الابهام في الوصف كأنه قيل: وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما، وقد اضطربت أقاويل المفسرين فيهما، فقيل الشاهد والمشهود محمد صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة، وقيل عيسى وأمته لقوله - وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم - وقيل أمة محمد وسائر الأمم، وقيل يوم التروية ويوم عرفة وقيل يوم عرفة ويوم الجمعة، وقيل الحجر الأسود والحجيج، وقيل الأيام والليالي وبنو آدم. وعن الحسن: ما من يوم إلا وينادى: إني يوم جديد وإني على ما يعمل في شهيد فاغتنمني، فلو غابت شمسي لم تدركني إلى يوم القيامة. وقيل الحفظة وبنو آدم، وقيل الأنبياء ومحمد عليهم الصلاة والسلام. فإن قلت: أين جواب القسم؟ قلت: محذوف يدل عليه قوله (قتل أصحاب الأخدود) كأنه قيل: أقسم بهذه الأشياء إنهم ملعونون يعنى كفار قريش كما لعن أصحاب الأخدود، وذلك أن السورة وردت في تثبيت المؤمنين وتصبيرهم على أذى أهل مكة وتذكيرهم بما جرى على ما تقدمهم من التعذيب على الايمان وإلحاق أنواع الأذى وصبرهم وثباتهم حتى يأنسوا بهم ويصبروا على ما كانوا يلقون من قومهم ويعلموا أن كفارهم عند الله بمنزلة أولئك المعذبين المحرفين بالنار ملعونون أحقاء بأن يقال فيهم قتلت قريش كما قيل - قتل أصحاب الأخدود - وقتل دعاء عليهم كقوله - قتل الانسان ما أكفره - وقرئ قتل بالتشديد. والأخدود: الخد في الأرض وهو الشق، ونحوهما بناء ومعنى الحق والاحقوق، ومنه:
(٢٣٧)
مفاتيح البحث: سورة البروج (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»