الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٣٤
سورة الانشقاق مكية. وهى خمس وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انشقت. وأذنت لربها وحقت. وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت.
وأذنت لربها وحقت.
____________________
سورة انشقت مكية. وهى خمس وعشرون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) حذف جواب إذا ليذهب المقدر كل مذهب، أو اكتفاء بما علم في مثلها من سورتي لتكوير والانفطار، وقيل جوابها ما دل عليه فملاقيه: أي إذا السماء انشقت لاقي الانسان كدحه، ومعناه: إذا انشقت بالغمام كقوله تعالى - ويوم تشقق السماء بالغمام - وعن علي رضي الله عنه: تنشق من المجرة. أذن له استمع له، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " ما أذن الله لشئ كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن " وقوله جحاف بن حكيم * أذنت لكم لما سمعت هريركم * والمعنى: أنها فعلت في انقيادها لله حين أراد انشقاقها فعل المطواع الذي إذا ورد عليه الامر من جهة المطاع أنصت له وأذعن ولم يأب ولم يمتنع كقوله - أتينا طائعين - (وحقت) من قولك هو محقوق بكذا وحقيق به: يعنى وهى حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع، ومعناه: الإيذان بأن القادر بالذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك (مدت) من مد الشئ فامتد وهو أن تزال جبالها وآكامها وكل أمت فيها حتى تمتد وتنبسط ويستوى ظهرها كما قال تعالى - قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: مدت مد الأديم العكاظي لان الأديم إذا مد زال كل انثناء فيه وأمت واستوى، أو من مده بمعنى أمده: أي زيدت سعة وبسطة (وألقت ما فيها) ورمت بما في جوفها مما دفن فيها من الموتى والكنوز (وتخلت) وخلت غاية الخلو حتى لم يبق شئ في باطنها كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو كما يقال تكرم الكريم وترحم الرحيم إذا بلغا جهدهما في الكرم والرحمة وتكلفا فوق ما في طبعهما (وأذنت لربها) في إلقاء ما في بطنها وتخليها. الكدح: جهد النفس في العمل والكد فيه حتى
(٢٣٤)
مفاتيح البحث: سورة الإنشقاق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»