الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٢٤
وكل في فلك يسبحون وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين
____________________
الترتيب إلى أن يبطل الله ما دبر من ذلك وينقض ما ألف فيجمع بين الشمس والقمر وتطلع الشمس من مغربها.
فإن قلت: لم جعلت الشمس غير مدركة والقمر غير سابق؟ قلت: لان الشمس لا تقطع فلكها إلا في سنة، والقمر يقطع فلكه في شهر، فكانت الشمس جديرة بأن توصف بالادراك لتباطؤ سيرها عن سير القمر، والقمر خليقا بأن يوصف بالسبق لسرعة سيره (وكل) التنوين فيه عوض عن المضاف إليه، والمعنى وكلهم، والضمير للشموس والأقمار على ما سبق ذكره (ذريتهم) أولادهم ومن يهمهم حمله، وقيل اسم الذرية يقع على النساء لأنهن مزارعها. وفي الحديث " أنه نهى عن قتل الذراري) يعني النساء (من مثله) من مثل الفلك (ما يركبون) من الإبل وهي سفائن البر، وقيل الفلك المشحون سفينة نوح، ومعنى حمل الله ذرياتهم فيها: أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم، وإنما ذكر ذرياتهم دونهم لأنه أبلغ في الامتنان عليهم وأدخل في التعجيب من قدرته في حمل أعقابهم إلى يوم القيامة في سفينة نوح، ومن مثله من مثل ذلك الفلك ما يركبون من السفن والزوارق (لا صريخ) لا مغيث أو لا إغاثة يقال أتاهم الصريخ (ولا هم ينقذون) لا ينجون من الموت بالغرق (إلا رحمة) إلا رحمة منا والتمتيع بالحياة (إلى حين) إلى أجل يموتون فيه لابد لهم منه بعد النجاة من موت الغرق، ولقد أحسن من قال:
ولم أسلم لكي أبقى ولكن * سلمت من الحمام إلى الحما
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»