الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٢٣
والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار
____________________
أو عطفا على الليل يريد من آياته القمر ونصبا بفعل يفسره قدرناه، ولابد في (قدرناه منازل) من تقدير مضاف لأنه لا معنى لتقدير نفس القمر منازل، والمعنى: قدرنا مسيره منازل وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه على تقدير مستو لا يتفاوت يسير فيها من ليلة المستهل إلى الثامنة والعشرين ثم يستتر ليلتين أو ليلة إذا نقص الشهر، وهذه المنازل هي مواقع النجوم التي نسبت إليها العرب الأنواء المستمترة وهي: الشرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذرائع، النثرة، الطرف، الجبهة، الزبرة، الصرفة العوا، السماك، الغفر، الزباني، الإكليل، القلب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، فرغ الدلو المقدم، فرغ الدلو المؤخر، الرشا، فإذا كان في آخر منازله دق واستقوس، و (عاد كالعرجون القديم) وهو عود العذق ما بين شماريخه إلى منبته من النخلة. وقال الزجاج: هو فعلون من الانعراج وهو الانعطاف. وقرئ العرجون بوزن الفرجون وهما لغتان كالبزيون والبزون. والقديم المحول، وإذ قدم دق وانحنى واصفر فشبه به من ثلاثة أوجه. وقيل أقل مدة الموصوف بالقدم الحول، فلو أن رجلا قال:
كل مملوك لي قديم فهو حر، أو كتب ذلك في وصيته، عتق منهم من مضى له حول أو أكثر. وقرئ سابق النهار على الأصل، والمعنى: أن الله تعالى قسم لكل واحد من الليل والنهار وآيتيهما قسما من الزمان وضرب له حدا معلوما ودبر أمرهما على التعاقب. فلا ينبغي للشمس: أي لا يتسهل لها ولا يصح ولا يستقيم لوقوع التدبير على المعاقبة وإن جعل لكل واحد من النيرين سلطان على حياله (أن تدرك القمر) فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه فتطمس نوره. ولا يسبق الليل النهار: يعني آية الليل آية النهار وهما النيران، ولا يزال الامر على هذا
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»