الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٣٤
رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق.
____________________
الصلوات وصفوف الجماعات فالزاجرات بالمواعظ والنصائح فالتاليات آيات الله والدارسات شرائعه، أو بنفوس قواد الغزاة في سبيل الله التي تصف الصفوف وتزجر الخيل للجهاد وتتلو الذكر مع ذلك لا تشغلها عنه تلك الشواغل كما يحكى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فإن قلت: ما حكم الفاء إذا جاءت عاطفة في الصفات؟ قلت:
إما أن تدل على ترتب معانيها في الوجود كقوله:
يا لهف زيابة للحرث الص‍ * - أبح فالغانم فالأيب كأنه قيل الذي صبح فغنم فآب. وإما على ترتبها في التفاوت من بعض الوجوه كقولك: خذ الأفضل فالأكمل وأعمل الأحسن فالأجمل، وإما على ترتب موصوفاتها في ذلك كقوله " رحم الله المحلقين فالمقصرين " فعلى هذه القوانين الثلاثة ينساق أمر الفاء العاطفة في الصفات. فإن قلت: فعلى أي هذه القوانين هي فيما أنت بصدده؟ قلت:
إن وحدت الموصوف كانت للدلالة على ترتب الصفات في التفاضل، وإن ثلثته فهي للدلالة على ترتب الموصوفات فيه، بيان ذلك أنك إذا أجريت هذه الأوصاف على الملائكة وجعلتهم جامعين لها فعطفها بالفاء يفيد ترتبا لها في الفضل، إما أن يكون الفضل للصف ثم للزجر ثم للتلاوة، وإما على العكس، وكذلك إن أردت العلماء وقواد الغزاة، وإن أجريت الصفة الأولى على طوائف والثانية والثالثة على أخر فقد أفادت ترتب الموصوفات في الفضل:
أعني أن الطوائف الصافات ذوات فضل والزاجرات أفضل والتاليات أبهر فضلا، أو على العكس، وكذلك إذا أعني أن الطوائف الصافات ذوات فضل والزاجرات أفضل والتاليات أبهر فضلا، أو على العكس، وكذلك إذا أردت بالصافات الطير وبالزاجرات كل ما يزجر عن معصية وبالتاليات كل نفس تتلو الذكر فإن الموصوفات مختلفة. وقرئ بإدغام التاء في الصاد والزاي والذال (رب السماوات) خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف، و (المشارق) ثلاثمائة وستون مشرقا وكذلك المغارب تشرق الشمس كل يوم في مشرق منها وتغرب في مغرب ولا
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»