____________________
واليوم الثالث ووجوهكم مسودة ثم يصبحكم العذاب، فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه، فأنجاه الله إلى أرض فلسطين، ولما كان اليوم الرابع وارتفع الضحى تحنطوا بالصبر وتكفنوا بالأنطاع، فأتتهم صيحة من السماء فتقطعت قلوبهم فهلكوا (تأكل في أرض الله) أي الأرض أرض الله والناقة ناقة الله، فذروها تأكل في أرض ربها، فليست الأرض لكم ولا ما فيها من النبات من إنباتكم (ولا تمسوها بسوء) لا تضربوها ولا تطردوها ولا تريبوها بشئ من الأذى إكراما لآية الله. ويروى " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: لا يدخلن أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائها ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم " وقال صلى الله عليه وسلم " يا علي أتدري من أشقى الأولين؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: عاقر ناقة صالح، أتدري من أشقى الآخرين؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: قاتلك " وقرأ أبو جعفر في رواية: تأكل في أرض الله، وهو في موضع الحال بمعنى آكلة (وبوأكم) ونزلكم والمباءة المنزل (في الأرض) في أرض الحجر بين الحجاز والشام (من سهولها قصورا) أي تبنونها من سهولة الأرض بما تعملون منها من الرهص واللبن والآجر. وقرأ الحسن: وتنحتون بفتح الحاء وتنحاتون بإشباع الفتحة كقوله:
* ينباع من ذفري أسيل حرة * فإن قلت: علام انتصب (بيوتا)؟ قلت: على الحال كما تقول: خط هذا الثوب قميصا وابر هذه القصبة قلما، وهي من الحال المقدرة، لأن الجبل لا يكون بيتا في حال النحت ولا الثوب ولا القصبة قميصا وقلما في حال الخياطة والبرى. وقيل كانوا يسكنون السهول في الصيف والجبال في الشتاء (للذين استضعفوا) للذين استضعفهم رؤساء الكفار واستذلوهم، و (لمن آمن منهم) بدل من الذين استضعفوا.
فإن قلت: الضمير في منهم راجع إلى ماذا؟ قلت: إلى قومه أو إلى الذين استضعفوا. فإن قلت: هل لاختلاف المرجعين أثر في اختلاف المعنى؟ قلت: نعم وذلك أن الراجع إذا رجع إلى قومه فقد جعل من آمن مفسرا لمن استضعف منهم، فدل أن استضعافهم كان مقصورا على المؤمنين، وإذا رجع إلى الذين استضعفوا لم يكن الاستضعاف مقصورا عليهم، ودل أن المستضعفين كانوا مؤمنين وكافرين (أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه) شئ قالوه على سبيل الطنز والسخرية، كما تقول للمجسمة: أتعلمون أن الله فوق العرش. فإن قلت: كيف
* ينباع من ذفري أسيل حرة * فإن قلت: علام انتصب (بيوتا)؟ قلت: على الحال كما تقول: خط هذا الثوب قميصا وابر هذه القصبة قلما، وهي من الحال المقدرة، لأن الجبل لا يكون بيتا في حال النحت ولا الثوب ولا القصبة قميصا وقلما في حال الخياطة والبرى. وقيل كانوا يسكنون السهول في الصيف والجبال في الشتاء (للذين استضعفوا) للذين استضعفهم رؤساء الكفار واستذلوهم، و (لمن آمن منهم) بدل من الذين استضعفوا.
فإن قلت: الضمير في منهم راجع إلى ماذا؟ قلت: إلى قومه أو إلى الذين استضعفوا. فإن قلت: هل لاختلاف المرجعين أثر في اختلاف المعنى؟ قلت: نعم وذلك أن الراجع إذا رجع إلى قومه فقد جعل من آمن مفسرا لمن استضعف منهم، فدل أن استضعافهم كان مقصورا على المؤمنين، وإذا رجع إلى الذين استضعفوا لم يكن الاستضعاف مقصورا عليهم، ودل أن المستضعفين كانوا مؤمنين وكافرين (أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه) شئ قالوه على سبيل الطنز والسخرية، كما تقول للمجسمة: أتعلمون أن الله فوق العرش. فإن قلت: كيف