الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٨٥
غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم. قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين. قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين. أبلغكم رسالات ربي
____________________
سنة وكان نجارا، وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، وأخنوخ اسم إدريس النبي عليه السلام. وقرئ غيره بالحركات الثلاث، فالرفع على المحل كأنه قيل: ما لكم إله غيره، والجر على اللفظ والنصب على الاستثناء بمعنى: ما لكم من إله إلا إياه، كقولك: ما في الدار من أحد إلا زيد أو غير زيد. فإن قلت: فما موقع الجملتين بعد قوله - اعبدوا الله؟ قلت: الأولى بيان لوجه اختصاصه بالعبادة، والثانية بيان للداعي إلى عبادته لأنه هو المحذور عقابه دون ما كانوا يعبدونه من دون الله. واليوم العظيم يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان (الملأ) الأشراف والسادة، وقيل الرجال ليس معهم نساء (في ضلال) في ذهاب عن طريق الصواب والحق. ومعنى الرؤية: رؤية القلب. فإن قلت: لم قال ليس بي ضلالة ولم يقل ضلال كما قالوا؟ قلت:
الضلالة أخص من الضلال فكانت أبلغ في نفي الضلال عن نفسه كأنه قال: ليس بي شئ من الضلال، كما لو قيل لك: ألك تمر؟ فقلت ما لي تمرة. فإن قلت: كيف وقع قوله (ولكني رسول) استدراكا للإنتفاء عن الضلالة؟ قلت: كونه رسولا من الله مبلغا رسالاته ناصحا في معنى كونه على الصراط المستقيم، فصح لذلك أن يكون استدراكا للإنتفاء عن الضلالة. وقرئ أبلغكم بالتخفيف. فإن قلت: كيف موقع قوله أبلغكم؟ قلت:
فيه وجهان: أحدهما أن يكون كلاما مستأنفا بيانا لكونه رسول رب العالمين، والثاني أن يكون صفة لرسول.
فإن قلت: كيف جاز أن يكون صفة والرسول لفظه لفظ الغائب؟ قلت: جاز ذلك لأن الرسول وقع خبرا عن ضمير المخاطب وكان معناه كما قال * أنا الذي سمتني أمي حيدره * (رسالات ربي) ما أوحى إلي في الأوقات
(٨٥)
مفاتيح البحث: الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»