الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٣
آل يعقوب واجعله رب رضيا. يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا. قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا. قال كذلك قال ربك هو على هي
____________________
وأرث آل يعقوب نصب على الحال. وعن الجحدري أو يرث على تصغير وارث وقال غليم صغير. وعن علي رضي الله عنه وجماعة: وأرث من آل يعقوب، أو يرثني به وارث، ويسمى التجريد في علم البيان، والمراد بالإرث إرث الشرع والعلم لأن الأنبياء لا تورث المال. وقيل يرثني الحبورة وكان حبرا، ويرث من آل يعقوب الملك، يقال ورثته وورثت منه لغتان. وقيل من للتبعيض لا للتعدية لأن آل يعقوب لم يكونوا كلهم أنبياء ولا علماء، وكان زكريا عليه السلام من نسل يعقوب بن إسحاق. وقيل هو يعقوب بن مأتان أخو زكريا، وقيل يعقوب هذا وعمران أبو مريم أخوان من نسل سليمان بن داود (سميا) لم يسم أحد بيحيى قبله. وهذا شاهد على أن الأسامي السنع جديرة بالأثرة وإياها كانت العرب تنتحى في التسمية لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النبز حتى قال القائل في مدح قوم: سنع الأسامي مسبلي أزر * حمر نمس الأرض بالهدب وقال رؤبة للنسابة البكري وقد سأله عن نسبه: أنا ابن العجاج، فقال: قصرت وعرفت. وقيل مثلا وشبيها عن مجاهد كقوله - هل تعلم له سميا - وإنما قيل للمثل سمى لأن كل متشاكلين يسمى كل واحد منها باسم المثل والشبيه والشكل والنظير فكل واحد سمى لصاحبه، ونحو يحيى في أسمائهم يعمر ويعيش إن كانت التسمية عربية، وقد سموا بيموت أيضا وهو يموت بن المزرع. قالوا: لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر وأنه كان حصورا: أي كانت على صفة العقر حين أنا شاب وكهل، فما رزقت ولد لاختلال أحد السببين، أفحين اختل السببان جميعا أرزقه؟ فإن قلت: لم طلب أولا وهو وامرأته على صفة العتي والعقر فلما أسعف بطلبته استبعد واستعجب؟ قلت: ليجاب بما أجيب به فيزداد المؤمنون إيقانا ويرتدع المبطلون، وإلا فمعتقد زكريا أولا وآخرا كان على منهاج واحد في أن الله غنى عن الأسباب: أي بلغت عتيا وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل، يقال عتا العود وعسا من أجل الكبر والطعن في السن العالية، أو بلغت من مدارج الكبر ومراتبه ما يسمى عتيا. وقرأ ابن وثاب وحمزة والكسائي بكسر العين وكذلك صليا وابن مسعود بفتحهما فيهما. وقرأ أبى ومجاهد عسيا (كذلك) الكاف رفع: أي الأمر كذلك تصديق له،
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»