الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٥٠١
لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا. قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
سورة مريم مكية. وهى تسعون وثمان أو تسع آيات بسم الله الرحمن الرحيم
____________________
والمعنى: لو كتبت كلمات علم الله وحكمته وكان البحر مدادا لها، والمراد بالحبر الجنس (لنفد البحر قبل أن تنفد) الكلمات (ولو جئنا) بمثل البحر مدادا لنفد أيضا والكلمات غير نافدة و (مددا) تمييز كقولك لي مثله رجلا، والمدد مثل المداد وهو ما يمد به. وعن ابن عباس رضي الله عنه: بمثله مدادا. وقرأ الأعرج مددا بكسر الميم جمع مدة وهى ما يستمده الكاتب فيكتب به. وقرئ ينفذ بالياء. وقيل قال حيى بن أخطب: في كتابكم - ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا - ثم تقرأون - وما أوتيتم من العلم إلا قليلا - فنزلت: يعنى أن ذلك خير كثير ولكنه قطرة من بحر كلمات الله (فمن كان يرجو لقاء ربه) فمن كان يؤمل حسن لقاء ربه وأن يلقاه لقاء رضا وقبول، وقد فسرنا اللقاء أو فمن كان يخاف سوء لقائه. والمراد بالنهى عن الإشراك بالعبادة أن لا يرائى بعمله وأن لا يبتغى به إلا وجه ربه خالصا لا يخلط به غيره. وقيل نزلت في جندب بن زهير قال للنبي صلى الله عليه وسلم " إني أعمل العمل لله فإذا اطلع عليه سرنى، فقال: إن الله لا يقبل ما شورك فيه " وروى أنه قال " لك أجران: أجر السر، وأجر العلانية " وذلك إذا قصد أن يقتدى به، وعنه صلى الله عليه وسلم " اتقوا الشرك الأصغر، قالوا:
وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء ". وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الكهف من آخرها كانت له نورا من قرنه إلى قدمه، ومن قرأها كلها كانت له نورا من الأرض إلى السماء " وعنه صلى الله عليه وسلم " من قرأ عند مضجعه (قل إنما أنا بشر مثلكم) كان له من مضجعه نورا يتلألأ إلى مكة، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم، وإن كان مضجعه بمكة كان له نورا يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ " والله أعلم.
سورة مريم مكية. وهى تسعون وثمان أو تسع آيات (بسم الله الرحمن الرحيم)
(٥٠١)
مفاتيح البحث: سورة مريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»