الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٢٠
فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون. ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا
____________________
للكفار، يعني ولا يستطيع هؤلاء مع أنهم أحياء متصرفون أولوا ألباب من ذلك شيئا، فكيف بالجماد الذي لا حس به. فإن قلت: ما معنى قوله: ولا يستطيعون، بعد قوله: لا يملك، وهل هما إلا شئ واحد؟ قلت: ليس في لا يستطيعون تقدير راجع، وإنما المعنى: لا يملكون أن يرزقوا، والاستطاعة منفية عنهم أصلا لأنهم موات، إلا أن يقدر الراجع، ويراد بالجمع بين نفي الملك والاستطاعة التوكيد، أو يراد أنهم لا يملكون الرزق ولا يمكنهم أن يملكوه ولا يتأتى ذلك منهم ولا يستقيم (فلا تضربوا لله الأمثال) تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به، لأن من يضرب الأمثال مشبه حالا بحال وقصة بقصة (إن الله يعلم) كنه ما تفعلون وعظمه، وهو معاقبكم عليه بما يوازيه في العظم لأن العقاب على مقدار الإثم (وأنتم لا تعلمون) كنهه وكنه عقابه فذاك هو الذي جركم إليه وأجرأكم عليه فهو تعليل للنهي عن الشرك، ويجوز أن يراد بلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم كيف يضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ثم علمهم كيف تضرب فقال: مثلكم في إشراككم بالله الأوثان مثل من سوى بين عبد مملوك عاجز عن التصرف وبين حر مالك قد رزقه الله مالا فهو يتصرف فيه وينفق منه كيف شاء. فإن قلت: لم قال (مملوكا لا يقدر على شئ) وكل عبد مملوك وغير قادر على التصرف؟ قلت: أما ذكر المملوك فليميز من الحر لأن اسم العبد يقع عليهما جميعا لأنهما من عباد الله، وأما لا يقدر على شئ فليجعل غير مكاتب ولا مأذون له لأنهما يقدران على التصرف.
واختلفوا في العبد هل يصح له ملك، والمذهب الظاهر أنه لا يصح له. فإن قلت، من في قوله (ومن رزقناه) ما هي؟ قلت: الظاهر أنها موصوفة كأنه قيل وحرا رزقناه ليطابق عبدا ولا يمتنع أن تكون موصولة. فإن قلت:
(٤٢٠)
مفاتيح البحث: الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»