الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٧٥
بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم. وأدخل الذين آمنوا وعملوا
____________________
قال لها هل لك يا تافي * قالت له ما أنت بالمرضي وكأنه قدر ياء الإضافة ساكنة وقبلها ياء ساكنة فحركها بالكسر لما عليه أصل التقاء الساكنين، ولكنه غير صحيح لأن ياء الإضافة لا تكون إلا مفتوحة حيث قبلها ألف في نحو عصاي فما بالها وقبلها ياء. فإن قلت: جرت الياء الأولى مجرى الحرف الصحيح لأجل الإدغام فكأنها ياء وقعت ساكنة بعد حرف صحيح ساكن فحركت بالكسر على الأصل. قلت: هذا قياس حسن، ولكن الاستعمال المستفيض الذي هو بمنزلة الخبر المتواتر تتضاءل إليه القياسات. " ما " في (بما أشركتموني) مصدرية و (من قبل) متعلقة بأشركتموني يعني كفرت اليوم بإشراككم إياي من قبل هذا اليوم: أي في الدنيا كقوله تعالى - ويوم القيامة يكفرون بشرككم - ومعنى كفره بإشراكهم إياه تبرؤه منه واستنكاره له كقوله تعالى - إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم -. وقيل من قبل يتعلق بكفرت وما موصولة: أي كفرت من قبل حين أبيت السجود لآدم بالذي أشركتمونيه وهو الله عز وجل، تقول شركت زيدا فإذا نقلت بالهمزة قلت أشركنيه فلان: أي جعلني له شريكا، ونحو ما هذه " ما " في قولهم سبحان ما سخركن لنا. ومعنى إشراكهم الشيطان بالله طاعتهم له فيما كان يزينه لهم من عبادة الأوثان وغيرها، وهذا آخر قول إبليس، وقوله (إن الظالمين) قول الله عز وجل، ويحتمل أن يكون من جملة قول إبليس، وإنما حكى الله عز وعلا ما سيقوله في ذلك الوقت ليكون لطفا للسامعين في النظر لعاقبتهم والاستعداد لما لا بد لهم من الوصول إليه، وأن يتصوروا في أنفسهم ذلك المقام الذي يقول الشيطان فيه ما يقول، فيخافوا ويعملوا ما يخلصهم منه وينجيهم. وقرئ فلا يلوموني بالياء على طريقة الالتفات كقوله تعالى - حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم -. وقرأ الحسن وعمرو ابن عبيد (وأدخل الذين آمنوا) على فعل المتكلم بمعنى وأدخل أنا، وهذا دليل على أنه من قول الله لا من قول
(٣٧٥)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»