الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٧٨
وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال.
____________________
دار البوار عطف بيان. قرئ ليضلوا بفتح الياء وضمها. فإن قلت: الضلال والإضلال لم يكن غرضهم في اتخاذ الأنداد، فما معنى اللام؟ قلت: لما كان الضلال والإضلال نتيجة اتخاذ الأنداد كما كان الإكرام في قولك جئتك لتكرمني نتيجة المجئ دخلته اللام وإن لم يكن غرضا على طريق التشبيه والتقريب (تمتعوا) إيذان بأنهم لانغماسهم في التمتع بالحاضر وأنهم لا يعرفون غيره ولا يريدونه مأمورون به قد أمرهم آمر مطاع لا يسعهم أن يخالفوه ولا يملكون لأنفسهم أمرا دونه وهو أمر الشهوة، والمعنى: إن دمتم على ما أنتم عليه من الامتثال لأمر الشهوة (فإن مصيركم إلى النار) ويجوز أن يراد الخذلان والتخلية ونحوه - قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار - المقول محذوف لأن جواب قد يدل عليه وتقديره (قل لعبادي الذين آمنوا) أقيموا الصلاة وأنفقوا (يقيموا الصلاة وينفقوا) وجوزوا أن يكون يقيموا وينفقوا بمعنى ليقيموا ولينفقوا ويكون هذا هو المقول، قالوا: وإنما جاز حذف اللام لأن الأمر الذي هو قل عوض منه، ولو قيل يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام لم يجز. فإن قلت: علام انتصب (سرا وعلانية)؟ قلت: على الحال: أي ذوي سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين، أو على الظرف: أي وقتي سر وعلانية، أو على المصدر أي: إنفاق سر وإنفاق علانية. والمعنى: إخفاء المتطوع به من الصدقات والإعلان بالواجب. والخلال المخالة. فإن قلت: كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه (لا بيع فيه ولا خلال)؟ قلت: من قبل أن الناس يخرجون أموالهم في عقود المعاوضات فيعطون بدلا ليأخذوا مثله، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أمثالها أو خيرا منها، وأما الإنفاق لوجه الله خالصا
(٣٧٨)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)، البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»