الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٣٧
ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين. ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين. واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون.
____________________
في العقل والرأي وهو يهوذا (ما فرطتم في يوسف) فيه وجوه: أن تكون ما صلة: أي ومن قبل هذا قصرتم في شأن يوسف ولم تحفظوا عهد أبيكم، وأن تكون مصدرية على أن محل المصدر الرفع على الابتداء وخبره الظرف وهو من قبل ومعناه: ووقع من قبل تفريطكم في يوسف، أو النصب عطفا على مفعول ألم تعلموا وهو أن أباكم كأنه قيل، ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقا وتفريطكم من قبل في يوسف، وأن تكون موصولة بمعنى ومن قبل هذا ما فرطتموه: أي قدمتموه في حق يوسف من الجناية العظيمة، ومحله الرفع أو النصب على الوجهين (فلن أبرح الأرض) فلن أفارق أرض مصر (حتى يأذن لي أبى) في الانصراف إليه (أو يحكم الله لي) بالخروج منها أو بالانتصاف ممن أخذ أخي أو بخلاصه من يده بسبب من الأسباب (وهو خير الحاكمين) لأنه لا يحكم أبدا إلا بالعدل والحق. وقرئ سرق أي نسب إلى السرقة (وما شهدنا) عليه بالسرقة (إلا بما علمنا) من سرقته وتيقناه، لأن الصواع استخرج من وعائه، ولا شئ أبين من هذا (وما كنا للغيب حافظين) وما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الموثق، أو ما علمنا إنك تصاب به كما أصبت بيوسف، ومن قرأ سرق فمعناه: وما شهدنا إلا بقدر ما علمنا من التسريق - وما كنا للغيب - للأمر الخفي أسرق بالصحة أم دس الصاع في رحله ولم يشعر (القربة التي كنا فيها) هي مصر: أي أرسل إلى أهلها فسلهم عن كنه القصة (والعير التي أقبلنا فيها) وأصحاب العير وكانوا قوما من كنعان من جيران يعقوب. وقيل من أهل صنعاء. ومعناه: فرجعوا إلى أبيهم فقالوا له ما قال لهم أخوهم
(٣٣٧)
مفاتيح البحث: السرقة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»