الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٣٨
قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم. وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن
____________________
(قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا) أرتموه، وإلا فما أدرى ذلك الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته لولا فتواكم وتعليمكم (بهم جميعا) بيوسف وأخيه وروبيل أو غيره (إنه هو العليم) بحالي في الحزن والأسف (الحكيم) الذي لم يبتلى بذلك إلا لحكمة ومصلحة (وتولى عنهم) وأعرض عنهم كراهة لما جاءوا به (يا أسفي) أضاف الأسف وهو أشد الحزن والحسرة إلى نفسه، والألف بدل من ياء الإضافة، والتجانس بين لفظتي الأسف ويوسف مما يقع مطبوعا غير متعمل فيملح ويبدع ونحوه - اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم - وهو ينهون عنه وينأون عنه - يحسبون أنهم يحسنون - من سبأ بنبأ - وعن النبي صلى الله عليه وسلم (لم تعط أمة من الأمم - إنا لله وإنا إليه راجعون - عند المصيبة إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ألا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع وإنما قال يا أسفي) فإن قلت: كيف تأسف على يوسف دون أخيه ودون الثالث والرزء الأحدث أشد على النفس وأظهر أثرا؟
قلت: هو دليل على تمادى أسفه على يوسف، وأنه لم يقع فائت عنده موقعه، وأن الرزء فيه مع تقادم عهده كان غضا عنده طريا * ولم تنسني أوفى المصيبات بعده * ولأن الرزء في يوسف كان قاعدة مصيباته التي ترتبت عليها الرزايا في ولده، فكان الأسف عليه أسفا على من لحق به (وابيضت عيناه) إذا كثر الاستعبار محقت العبرة
(٣٣٨)
مفاتيح البحث: الحزن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»