____________________
يعقوب جار له فقال: يا يعقوب قد تهشمت وفنيت وما بلغت من السن ما بلغ أبوك، فقال: هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من هم يوسف، فأوحى الله إليه: يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي؟ قال: يا رب خطيئة أخطأتها فاغفر لي فغفر له، فكان بعد ذلك إذا سئل قال - إنما أشكو بثي وحزني إلى الله -. وروى أنه أوحى إلى يعقوب:
إنما وجدت عليكم لأنكم ذبحتم شاة، فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه، وإن أحب خلقي إلى الأنبياء ثم المساكين، فاصنع طعاما وادع عليه المساكين. وقيل اشترى جارية مع ولدها فباع ولدها فبكى حتى عميت (وأعلم من الله الله ما لا تعلمون) أي أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به أنه يأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب. وروى أنه رأى ملك الموت في منامه فسأله: هل قبضت روح يوسف؟ فقال لا، والله هو حي فاطلبه. وقرأ الحسن وحزني بفتحتين، وحزني بضمتين قتادة (فتحسسوا من يوسف وأخيه) فتعرفوا منهما وتطلبوا خبرهما، وقرئ بالجيم كما قرئ بهما في الحجرات، وهما تفعل من الإحساس وهو المعرفة - فلما أحس عيسى منهم الكفر - ومن الجس وهو الطلب، ومنه قالوا لمشاعر الإنسان الحواس والجواس (من روح الله) من فرجه وتنفيسه. وقرأ الحسن وقتادة من روح الله بالضم: أي من رحمته التي يحيا بها العباد (الضر) الهزال من الشدة والجوع (مزجاة) مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقارا لها، من أزجيته: إذا دفعته وطردته، الريح تزجى السحاب. قيل كانت من متاع الأعراب صوفا وسمنا، وقيل الصنوبر وحبة الخضراء، وقيل سويق المقل والأقط، وقيل دراهم زيوفا لا تؤخذ إلا بوضيعة (فأوف لنا الكيل) الذي هو حقنا (وتصدق علينا) وتفضل علينا بالمسامحة والإغماض عن رداءة البضاعة أو زدنا على حقنا، فسموا ما هو فضل وزيادة لا تلزمه صدقة لأن الصدقات محظورة على الأنبياء.
وقيل كانت تحل لغير نبينا. وسئل ابن عيينة عن ذلك فقال: ألم تسمع (وتصدق علينا)؟ أراد أنها كانت حلالا لهم.
والظاهر أنهم تمسكنوا له وطلبوا إليه أن يتصدق عليهم، ومن ثم رق لهم وملكته الرحمة عليهم فلم يتمالك أن عرفهم نفسه. وقوله (إن الله يجزى المتصدقين) شاهد لذلك لذكر الله وجزائه. والصدقة: العطية التي تبتغى بها المثوبة من الله، ومنه قول الحسن لمن سمعه يقول اللهم تصدق على: إن الله تعالى لا يتصدق، إنما يتصدق الذي يبتغى الثواب، قيل: اللهم أعطني أو تفضل على أو ارحمني (قال هل علمتم) أتاهم من جهة الدين وكان حليما موفقا، فكلمهم مستفهما عن معرفة وجه القبح الذي يجب أن يراعيه التائب فقال هل علمتم قبح (ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) لا تعلمون قبحه فلذلك أقدمتم عليه: يعنى هل علمتم قبحه فتبتم إلى الله منه، لأن علم القبح يدعو
إنما وجدت عليكم لأنكم ذبحتم شاة، فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه، وإن أحب خلقي إلى الأنبياء ثم المساكين، فاصنع طعاما وادع عليه المساكين. وقيل اشترى جارية مع ولدها فباع ولدها فبكى حتى عميت (وأعلم من الله الله ما لا تعلمون) أي أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به أنه يأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب. وروى أنه رأى ملك الموت في منامه فسأله: هل قبضت روح يوسف؟ فقال لا، والله هو حي فاطلبه. وقرأ الحسن وحزني بفتحتين، وحزني بضمتين قتادة (فتحسسوا من يوسف وأخيه) فتعرفوا منهما وتطلبوا خبرهما، وقرئ بالجيم كما قرئ بهما في الحجرات، وهما تفعل من الإحساس وهو المعرفة - فلما أحس عيسى منهم الكفر - ومن الجس وهو الطلب، ومنه قالوا لمشاعر الإنسان الحواس والجواس (من روح الله) من فرجه وتنفيسه. وقرأ الحسن وقتادة من روح الله بالضم: أي من رحمته التي يحيا بها العباد (الضر) الهزال من الشدة والجوع (مزجاة) مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقارا لها، من أزجيته: إذا دفعته وطردته، الريح تزجى السحاب. قيل كانت من متاع الأعراب صوفا وسمنا، وقيل الصنوبر وحبة الخضراء، وقيل سويق المقل والأقط، وقيل دراهم زيوفا لا تؤخذ إلا بوضيعة (فأوف لنا الكيل) الذي هو حقنا (وتصدق علينا) وتفضل علينا بالمسامحة والإغماض عن رداءة البضاعة أو زدنا على حقنا، فسموا ما هو فضل وزيادة لا تلزمه صدقة لأن الصدقات محظورة على الأنبياء.
وقيل كانت تحل لغير نبينا. وسئل ابن عيينة عن ذلك فقال: ألم تسمع (وتصدق علينا)؟ أراد أنها كانت حلالا لهم.
والظاهر أنهم تمسكنوا له وطلبوا إليه أن يتصدق عليهم، ومن ثم رق لهم وملكته الرحمة عليهم فلم يتمالك أن عرفهم نفسه. وقوله (إن الله يجزى المتصدقين) شاهد لذلك لذكر الله وجزائه. والصدقة: العطية التي تبتغى بها المثوبة من الله، ومنه قول الحسن لمن سمعه يقول اللهم تصدق على: إن الله تعالى لا يتصدق، إنما يتصدق الذي يبتغى الثواب، قيل: اللهم أعطني أو تفضل على أو ارحمني (قال هل علمتم) أتاهم من جهة الدين وكان حليما موفقا، فكلمهم مستفهما عن معرفة وجه القبح الذي يجب أن يراعيه التائب فقال هل علمتم قبح (ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) لا تعلمون قبحه فلذلك أقدمتم عليه: يعنى هل علمتم قبحه فتبتم إلى الله منه، لأن علم القبح يدعو