الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٢٦
فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم. قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين.
____________________
القصة، وقص الحديث حتى يتبين له براءته بيانا مكشوفا يتميز فيه الحق من الباطل. وقرئ النسوة بضم النون، ومن كرمه وحسن أدبه أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب، واقتصر على ذكر المقطعات أيديهن (إن ربى) إن الله تعالى (بكيدهن عليم) أراد أنه كيد عظيم لا يعلمه إلا الله لبعد غوره، أو استشهد بعلم الله على أنهن كدنه وأنه برى مما قرف به، أو أراد الوعيد لهن: أي هو عليم بكيدهن فمجازيهن عليه (ما خطبكن) ما شأنكن (إذ راودتن يوسف) هل وجدتن منه ميلا إليكن (قلن حاش لله) تعجيبا من عفته وذهابه بنفسه عن شئ من الريبة ومن نزاهته عنها (قلت امرأت العزيز الآن حصحص الحق) أي ثبت واستقر. وقرئ حصحص على البناء للمفعول، وهو من حصحص البعير إذا ألقى ثفناته للإناخة، قال:
فحصحص في صم الصفا ثفناته * وناء بسلمى نوأة ثم صمما ولا مزيد على شهادتهن له بالبراءة والنزاهة واعترافهن على أنفسهن بأنه لم يتعلق بشئ مما قرفنه به لأنهن خصومه، وإذا اعترف الخصم بأن صاحبه على الحق وهو على الباطل لم يبق لأحد مقال. وقالت المجبرة والحشوية: نحن قد
(٣٢٦)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، البول (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»