____________________
بالقرآن ويتهاونون به وبغيره مما جاء به من البينات، فكان يضيق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقى إليهم مالا يقبلونه ويضحكون منه، فحرك الله منه وهيجه لأداء الرسالة وطرح المبالاة بردهم واستهزائهم واقتراحهم بقوله (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) أي لعلك تترك أن تلقيه إليهم وتبلغه إياهم مخافة ردهم وتهاونهم به (وضائق به صدرك) بأن تتلوه عليهم (أن يقولوا) مخافة أن يقولوا (لولا أنزل عليه كنز) أي هلا أنزل عليه ما اقترحنا نحن من الكنز والملائكة ولم أنزل عليه مالا نريده ولا نقترحه؟ ثم قال (إنما أنت نذير) أي ليس عليك إلا أن تنذرهم بما أوحى إليك وتبلغهم ما أمرت بتبليغه، ولا عليك ردوا أو تهاونوا أو اقترحوا (والله على كل شئ وكيل) يحفظ ما يقولون وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل، فتوكل عليه وكل أمرك إليه، وعليك بتبليغ الوحي بقلب فسيح وصدر منشرح غير ملتفت إلى استكبارهم ولا مبال بسفههم واستهزائهم. فإن قلت: لم عدل عن ضيق إلى ضائق؟
قلت: ليدل على أنه ضيق عارض غير ثابت، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفسح الناس صدرا، ومثله قولك زيد سيد وجواد، تريد السيادة والجود الثابتين المستقرين، فإذا أردت الحدوث قلت سائد وجائد، ونحوه - كانوا قوما عامين - في بعض القراءات، وقول السمهري العكلي:
بمنزلة أما اللئيم فسامن * بها وكرام الناس باد شحوبها (أم) منقطعة. والضمير في (افتراه) لما يوحى إليك. تحداهم أولا بعشر سور ثم بسورة واحدة كما يقول المخاير في الخط لصاحبه: اكتب عشرة أسطر نحو ما أكتب، فإذا تبين له العجز عن مثل خطه قال: قد اقتصرت منك على سطر واحد (مثله) بمعنى أمثاله ذهابا إلى مماثلة كل واحدة منها له (مفتريات) صفة لعشر سور لما قالوا افتريت القرآن واختلقته من عند نفسك وليس من عند الله قاودهم على دعواهم وأرخى معهم العنان وقال: هبوا أنى اختلقته من عند نفسي ولم يوح إلى وأن الأمر كما قلتم، فأتوا أنتم أيضا بكلام مثله مختلق من عند أنفسكم، فأنتم عرب فصحاء مثلي لا تعجزون عن مثل ما أقدر عليه من الكلام. فإن قلت: كيف يكون ما يأتون به مثله وما يأتون به مفترى وهذا غير مفترى؟ قلت: معناه مثله في حسن البيان والنظم وإن كان مفترى. فإن قلت: ما وجه جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله - لكم فاعلموا - بعد قوله: قل؟ قلت: معناه فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كانوا يتحدونهم وقد قال في موضع آخر - فإن لم يستجيبوا لك فاعلم - ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله * فإن شئت حرمت النساء سواكم
قلت: ليدل على أنه ضيق عارض غير ثابت، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفسح الناس صدرا، ومثله قولك زيد سيد وجواد، تريد السيادة والجود الثابتين المستقرين، فإذا أردت الحدوث قلت سائد وجائد، ونحوه - كانوا قوما عامين - في بعض القراءات، وقول السمهري العكلي:
بمنزلة أما اللئيم فسامن * بها وكرام الناس باد شحوبها (أم) منقطعة. والضمير في (افتراه) لما يوحى إليك. تحداهم أولا بعشر سور ثم بسورة واحدة كما يقول المخاير في الخط لصاحبه: اكتب عشرة أسطر نحو ما أكتب، فإذا تبين له العجز عن مثل خطه قال: قد اقتصرت منك على سطر واحد (مثله) بمعنى أمثاله ذهابا إلى مماثلة كل واحدة منها له (مفتريات) صفة لعشر سور لما قالوا افتريت القرآن واختلقته من عند نفسك وليس من عند الله قاودهم على دعواهم وأرخى معهم العنان وقال: هبوا أنى اختلقته من عند نفسي ولم يوح إلى وأن الأمر كما قلتم، فأتوا أنتم أيضا بكلام مثله مختلق من عند أنفسكم، فأنتم عرب فصحاء مثلي لا تعجزون عن مثل ما أقدر عليه من الكلام. فإن قلت: كيف يكون ما يأتون به مثله وما يأتون به مفترى وهذا غير مفترى؟ قلت: معناه مثله في حسن البيان والنظم وإن كان مفترى. فإن قلت: ما وجه جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله - لكم فاعلموا - بعد قوله: قل؟ قلت: معناه فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كانوا يتحدونهم وقد قال في موضع آخر - فإن لم يستجيبوا لك فاعلم - ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله * فإن شئت حرمت النساء سواكم