الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢٦٣
إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلاتك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون. ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون. أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون
____________________
الكتاب - ومن قبله كتاب موسى - ويتلوا من قبل القرآن التوراة (إماما) كتابا مؤتما به في الدين قدوة فيه (ورحمة) ونعمة عظيمة على المنزل إليهم (أولئك) يعنى من كان على بينة (يؤمنون به) يؤمنون بالقرآن (ومن يكفر به من الأحزاب) يعنى أهل مكة ومن ضامهم من المتحزبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم (فالنار موعده فلا تك في مرية) وقرئ مرية بالضم وهما الشك (منه) من القرآن أو من الموعد (يعرضون على ربهم) يحبسون في الموقف وتعرف أعمالهم ويشهد عليهم (الأشهاد) من الملائكة والنبيين بأنهم الكذابون على الله بأنه اتخذ ولدا شريكا، ويقال (ألا لعنة الله على الظالمين) فوا خزياه ووا فضيحتاه، والأشهاد جمع شاهد أو شهيد كأصحاب أو أشراف (ويبغونها عوجا) يصفونها بالاعوجاج وهى مستقيمة أو يبغون أهلها أن يعوجوا بالارتداد. وهم الثانية لتأكيد كفرهم بالآخرة واختصاصهم به (أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض) أي ما كانوا يعجزون الله في الدنيا أن يعاقبهم لو أراد عقابهم، وما كان لهم من يتولاهم فينصرهم منه ويمنعهم من عقابه ولكنه أراد إنظارهم وتأخير عقابهم إلى هذا اليوم وهو من كلام الأشهاد (يضاعف لهم العذاب) وقرئ يضعف (ما كانوا يستطيعون السمع) أراد أنهم لفرط تصامهم عن استماع الحق وكراهتهم له كأنهم لا يستطيعون السمع ولعل بعض المجبرة يتوثب إذا
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»