متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى
____________________
أن تتعلق بقوله - إن عندكم - على أن يجعل القول مكانا للسلطان كقولك: ما عندكم بأرضكم موز، كأنه قيل:
إن عندكم فيما تقولون سلطان (أتقولون على الله ما لا تعلمون) لما نفى عنهم البرهان جعلهم غير عالمين فدل على أن كل قول لا برهان عليه لقائله فذاك جهل وليس بعلم (يفترون على الله الكذب) بإضافة الولد إليه (متاع في الدنيا) أي افتراؤهم هذا منفعة قليلة في الدنيا، وذلك حيث يقيمون رياستهم في الكفر ومناصبة النبي صلى الله عليه وسلم بالتظاهر به ثم يلقون الشقاء المؤبد بعده (كبر عليكم) عظم عليكم وشق وثقل ومنه قوله تعالى - وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين - ويقال تعاظمه الأمر (مقامي) مكاني يعنى نفسه كما تقول: فعلت كذا لمكان فلان، وفلان ثقيل الظل:
ومنه - ولمن خاف مقام ربه بمعنى خاف ربه أو قيامي ومكثي بين أظهركم مددا طوالا ألف سنة إلا خمسين عاما أو مقامي وتذكيري لأنهم كانوا إذا وعظوا الجماعة قاموا على أرجلهم يعظونهم ليكون مكانهم بينا وكلامهم مسموعا كما يحكى عن عيسى صلوات الله عليه أنه كان يعظ الحواريين قائما وهم قعود (فاجمعوا أمركم وشركاءكم) من أجمع الأمر وأزمعه إذا نواه وعزم عليه، قال * هل أغدون يوما وأمري مجمع * والواو بمعنى مع: يعنى فأجمعوا أمركم مع شركائكم. وقرأ الحسن وشركاؤكم بالرفع عطفا على الضمير المتصل، وجاز من غير تأكيد بالمنفصل لقيام الفاصل مقامه لطول الكلام كما تقول اضرب زيدا وعمر. وقرئ فاجمعوا من الجمع وشركاءكم نصب للعطف على المفعول، أو لأن الواو بمعنى مع. وفى قراءة أبى فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم. فإن قلت:
كيف جاز إسناد الإجماع إلى الشركاء؟ قلت: على وجه التهكم كقوله - قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون - فإن قلت: ما معنى الأمرين أمرهم الذي يجمعونه وأمرهم الذي لا يكون عليهم غمة؟ قلت: أما الأمر الأولى فالقصد إلى إهلاكه: يعنى فاجمعوا ما تريدون من إهلاكي واحتشدوا فيه وابذلوا وسعكم في كيدي، وإنما قال ذلك إظهارا لقلة مبالاته وثقته بما وعده ربه من كلاءته وعصمته إياه وأنهم لن يجدوا إليه سبيلا. وأما الثاني ففيه وجهان:
أحدهما أن يراد مصاحبتهم له وما كانوا فيه معه من الحال الشديدة عليهم المكروهة عندهم: يعنى ثم أهلكوني لئلا يكون عيشكم بسببي غصة وحالكم عليكم غمة: أي غما وهما، والغم والغمة كالكرب والكربة. والثاني أن يراد به ما أريد بالأمر الأول، والغمة السترة من غمه إذا ستره، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام (ولا غمة في فرائض الله) أي لا تستر (ولكن يجاهر بها) يعنى ولا ليكن قصدكم إلى إهلاكي مستورا عليكم ولكن مكشوفا مشهورا تجاهرونني به (ثم اقضوا إلى) ذلك الأمر الذي تريدون بي: أي أدوا إلى قطعه وتصحيحه كقوله تعالى - وقضينا إليه ذلك
إن عندكم فيما تقولون سلطان (أتقولون على الله ما لا تعلمون) لما نفى عنهم البرهان جعلهم غير عالمين فدل على أن كل قول لا برهان عليه لقائله فذاك جهل وليس بعلم (يفترون على الله الكذب) بإضافة الولد إليه (متاع في الدنيا) أي افتراؤهم هذا منفعة قليلة في الدنيا، وذلك حيث يقيمون رياستهم في الكفر ومناصبة النبي صلى الله عليه وسلم بالتظاهر به ثم يلقون الشقاء المؤبد بعده (كبر عليكم) عظم عليكم وشق وثقل ومنه قوله تعالى - وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين - ويقال تعاظمه الأمر (مقامي) مكاني يعنى نفسه كما تقول: فعلت كذا لمكان فلان، وفلان ثقيل الظل:
ومنه - ولمن خاف مقام ربه بمعنى خاف ربه أو قيامي ومكثي بين أظهركم مددا طوالا ألف سنة إلا خمسين عاما أو مقامي وتذكيري لأنهم كانوا إذا وعظوا الجماعة قاموا على أرجلهم يعظونهم ليكون مكانهم بينا وكلامهم مسموعا كما يحكى عن عيسى صلوات الله عليه أنه كان يعظ الحواريين قائما وهم قعود (فاجمعوا أمركم وشركاءكم) من أجمع الأمر وأزمعه إذا نواه وعزم عليه، قال * هل أغدون يوما وأمري مجمع * والواو بمعنى مع: يعنى فأجمعوا أمركم مع شركائكم. وقرأ الحسن وشركاؤكم بالرفع عطفا على الضمير المتصل، وجاز من غير تأكيد بالمنفصل لقيام الفاصل مقامه لطول الكلام كما تقول اضرب زيدا وعمر. وقرئ فاجمعوا من الجمع وشركاءكم نصب للعطف على المفعول، أو لأن الواو بمعنى مع. وفى قراءة أبى فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم. فإن قلت:
كيف جاز إسناد الإجماع إلى الشركاء؟ قلت: على وجه التهكم كقوله - قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون - فإن قلت: ما معنى الأمرين أمرهم الذي يجمعونه وأمرهم الذي لا يكون عليهم غمة؟ قلت: أما الأمر الأولى فالقصد إلى إهلاكه: يعنى فاجمعوا ما تريدون من إهلاكي واحتشدوا فيه وابذلوا وسعكم في كيدي، وإنما قال ذلك إظهارا لقلة مبالاته وثقته بما وعده ربه من كلاءته وعصمته إياه وأنهم لن يجدوا إليه سبيلا. وأما الثاني ففيه وجهان:
أحدهما أن يراد مصاحبتهم له وما كانوا فيه معه من الحال الشديدة عليهم المكروهة عندهم: يعنى ثم أهلكوني لئلا يكون عيشكم بسببي غصة وحالكم عليكم غمة: أي غما وهما، والغم والغمة كالكرب والكربة. والثاني أن يراد به ما أريد بالأمر الأول، والغمة السترة من غمه إذا ستره، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام (ولا غمة في فرائض الله) أي لا تستر (ولكن يجاهر بها) يعنى ولا ليكن قصدكم إلى إهلاكي مستورا عليكم ولكن مكشوفا مشهورا تجاهرونني به (ثم اقضوا إلى) ذلك الأمر الذي تريدون بي: أي أدوا إلى قطعه وتصحيحه كقوله تعالى - وقضينا إليه ذلك