____________________
كأنه قيل: مالي لا أحزن، فقيل - إن العزة لله جميعا - أي أن الغلبة والقهر في ملكة الله جميعا لا يملك أحد شيئا منها لأهم ولا غيرهم، فهو يغلبهم وينصرك عليهم - كتب الله لأغلبن أنا ورسلي - إنا لننصر رسلنا - وقرأ أبو حياة أن العزة بالفتح، بمعنى لأن العزة على صريح التعليل، ومن جعله بلام من قولهم ثم أنكره فالمنكر هو تخريجه لا ما أنكر من القراءة به (هو السميع العليم) يسمع ما يقولون ويعلم ما يريدون ويعزمون عليه وهو مكافئهم بذلك (من في السماوات ومن في الأرض) يعنى العقلاء المميزين وهم الملائكة والثقلان، وإنما خصهم ليؤذن أن هؤلاء إذا كانوا له وفى ملكته فهم عبيد كلهم، وهو سبحانه وتعالى ربهم ولا يصلح أحد منهم للربوبية ولا أن يكون شريكا له فيها، ما وراءهم مما لا يعقل أحق إن لا يكون له ندا وشريكا، وليدل على أن من اتخذ غيره ربا من ملك أو إنسي فضلا عن صنم أو غير ذلك فهو مبطل تابع لما أدى إليه التقليد وترك النظر، ومعنى وما يتبعون شركاء أي وما يتبعون حقيقة الشركاء وإن كانوا يسمونها شركاء، لأن شركة الله في الربوبية محال (إن يتبعون) إلا ظنهم أنها شركاء (وإن هم إلا يخرصون) يحزرون ويقدرون أن تكون شركاء تقديرا باطلا، ويجوز أن يكون وما يتبع في معنى الاستفهام: يعنى وأي شئ يتبعون، وشركاء على هذا نصب بيدعون، وعلى الأول بيتبع وكان حقه وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء فاقتصر على أحدهما للدلالة. ويجوز أن تكون ما موصولة معطوفة على من كأنه قيل: ولله ما يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء: أي وله شركاؤهم. وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه تدعون بالتاء، ووجهه أن يحمل وما يتبع على الاستفهام: أي وأي شئ يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين: يعنى أنهم يتبعون الله ويطيعونه فما لكم لا تفعلون مثل فعلهم كقوله تعالى - أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة - ثم صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة فقال: إن يتبع هؤلاء المشركون إلا الظن ولا يتبعون ما يتبع الملائكة والنبيون من الحق. ثم نبه على عظيم قدرته ونعمته الشاملة لعباده التي يستحق بها أن يوحدوه بالعبادة بأنه جعل لهم الليل مظلما ليسكنوا فيه مما يقاسون في نهارهم من تعب التردد في المعاش والنهار، مضيئا يبصرون فيه مطالب أرزاقهم ومكاسبهم (لقوم يسمعون) سماع معتبر مدكر (سبحانه) تنزية له عن اتخاذ الولد وتعجب من كلمتهم الحمقاء (هو الغنى) علة لنفى الولد، لأن ما يطلب به الولد من يلد، وما يطلبه له السبب في كله الحاجة، فمن الحاجة منتفية عنه كان الولد فمن منتقية عنه كان الولد عنه منتفيا (له ما في سماوات وما في الأرض) فهو مستغن بملكه لهم عن اتخاذ أحد منهم ولدا (إن عندكم من سلطان بهذا) ما عندكم من حجة بهذا القول والباء حقها