الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢٣٤
ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون. والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا
____________________
عنهما: الحسنى الحسنة، والزيادة عشر أمثالها. وعن الحسن رضي الله عنه: عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.
وعن مجاهد رضي الله عنه: الزيادة مغفرة من الله ورضوان. وعن يزيد بن شجرة الزيادة أن تمر السحابة بأهل الجنة فنقول: ما تريدون أن أمطركم؟ فلا يريدون شيئا إلا أمطرتهم وزعمت المشبهة والمجبرة أن الزيادة النظر إلى وجه الله تعالى، وجاءت بحديث مرفوع (إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن يا أهل الجنة، فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئا هو أحب إليهم منه) (ولا يرهق وجوههم) لايغشاها (قتر) غبرة فيها سواد (ولا ذلة ولا أثر هوان وكسوف بال، والمعنى: لا يرهقهم ما يرهق أهل النار إذكارا بما ينقذهم منه برحمته، ألا ترى إلى قوله تعالى - ترهقها قترة - وترهقهم ذلة - فإن قلت: ما وجه قوله (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها) وكيف يتلاءم؟ قلت: لا يخلو إما أن يكون - والذين كسبوا - معطوفا على قوله - للذين أحسنوا - كأنه قيل: والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، وإما أن يقدر: وجزاء الذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، على معنى: جزاؤهم أن تجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها لا يزاد عليها، وهذا أوجه من الأول لأن في الأول عطفا على عاملين وإن كان الأخفش يجيزه، وفى هذا دليل على أن المراد بالزيادة الفضل، لأنه دل بترك الزيادة على السيئة على عدله، ودل ثمة بإثبات الزيادة على المثوبة على فضله. وقرئ يرهقهم ذلة بالياء (مالهم من الله من عاصم) أي لا يعصمهم أحد من سخط الله وعذابه، ويجوز مالهم من جهة الله ومن عنده من يعصمهم كما يكون للمؤمنين (مظلما) حال من الليل ومن قرأ قطعا بالسكون من قوله - بقطع من الليل - جعله صفة له، وتعضده قراءة أبي بن كعب: كأنما يغشى وجوههم قطع الليل مظلم. فإن قلت: إذا جعلت مظلما حالا من الليل فما العامل فيه؟ قلت
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»