____________________
للتأكيد والتقرير وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا، فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه، والفاء داخلة لمعنى الشرط كأنه قيل: إن فرحوا بشئ فليخصوا هما بالفرح فإنه لا مفروح به أحق منهما. ويجوز أن يراد بفضل الله وبرحمته فليعتنوا فبذلك فليفرحوا. ويجوز أن يراد قد جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته فبذلك فبمجيئها فليفرحوا. وقرئ فلتفرحوا بالتاء وهو الأصل والقياس وهى قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه، و: لتأخذوا مضاجعكم، قالها في بعض الغزوات. وفى قراءة أبى فافرحوا (هو) راجع إلى ذلك. وقرئ مما تجمعون بالياء والتاء. وعن أبي بن كعب (أن رسول لله صلى الله عليه وسلم تلا - قل بفضل الله وبرحمته - فقال: بكتاب الله والإسلام) وقيل فضله والإسلام، ورحمته ما وعد عليه (أرأيتم) أخبروني، و (ما أنزل الله) ما في موضع النصب بأنزل أو بأرأيتم في معنى أخبرونيه (فجعلتم منه حراما وحلالا) أي أنزله الله رزقا حلالا كله فبعضتموه وقلتم هذا حلال وهذا حرام كقولهم - هذه أنعام وحرث حجر - ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا - (الله أذن لكم) متعلق بأرأيتم، وقل تكرير للتوكيد. والمعنى: أخبروني الله أذن لكم في التحليل والتحريم فأنتم تفعلون ذلك بإذنه أم تتكذبون على الله في نسبة ذلك إليه. ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار وأم منفطعة، بمعنى بل أتفترون على الله تقريرا للافتراء، وكفى بهذه الآية زاجرة زجرا بليغا عن التجوز فيما يسأل عنه من الإحكام وباعثة على وجوب الاحتياط فيه. وأن لا يقول أحد في شئ جائز أو غير جائز إلا بعد إيقان وإتقان، ومن لم يوقن فليتق الله وليصمت وإلا فهو مفتر على الله (يوم القيامة) منصوب بالظن وهو ظن واقع فيه: يعنى أي شئ ظن المفترين في ذلك اليوم ما يصنع بهم فيه وهو يوم الجزاء بالإحسان والإساءة، وهو وعيد عظيم حيث أبهم أمره. وقرأ عيسى بن عمر: وما ظن على لفظ الفعل، معناه: وأي ظن ظنوا يوم القيامة، وجئ به على لفظ الماضي لأنه كائن فكان قد كان (إن الله لذو فضل على الناس) حيث أنعم عليهم بالعقل ورحمهم بالوحي وتعليم الحلال والحرام (ولكن أكثرهم لا يشكرون) هذه النعمة ولا يتبعون ما هدوا إليه (وما تكون في شأن) ما نافية، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والشأن الأمر، وأصله الهمزة بمعنى القصد من شأنت شأنه إذا قصدت قصده، والضمير في (منه) للشأن لأن تلاوة القرآن شأن من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو معظم شأنه، أو للتنزيل كأنه قيل: وما تتلو من التنزيل من قرآن كل جزء منه قرآن، والإضمار قبل الذكر تفخيم له أو لله عز وجل، وما (تعملون) أنتم جميعا (من عمل) أي عمل كان (إلا كنا عليهم شهودا) شاهدين رقباء نحصى عليكم (إذ تفيضون فيه) من أفاض في الأمر إذا اندفع فيه (وما يعزب)