الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢١٠
وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم. والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدلهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم.
____________________
ما ينفقه سبب لحصول القربات عند الله (وصلوات الرسول) لأن الرسول كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم كقوله: اللهم صل على آل أبي أوفى، وقال تعالى - وصل عليهم - فلما كان ما ينفق سببا لذلك قيل يتخذ ما ينفق قربات وصلوات (ألا إنها) شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات وتصديق لرجائه على طريق الاستئناف مع حرفي التنبيه والتحقيق المؤذنين بثبات الأمر وتمكنه، وكذلك (سيدخلهم) وما في السين من تحقيق الوعد، وما أدل هذا الكلام على رضا الله تعالى عن المتصدقين وأن الصدقة منه بمكان إذا خلصت النية من صاحبها. وقرئ قربة بضم الراء، وقيل هم عبد الله ذو البجادين ورهطه (السابقون الأولون من المهاجرين) هم الذين صلوا إلى القبلتين وقيل الذين شهدوا بدرا. وعن الشعبي من بايع بالحديبية:
وهى بيعة الرضوان ما بين الهجرتين (و) من (الأنصار) أهل بيعة العقبة الأولى وكانوا سبعة نفر، وأهل العقبة الثانية وكانوا سبعين، والذين أمنوا حين قدم عليهم أبو زرارة مصعب بن عمير فعلمهم القرآن. وقرأ عمر رضي الله عنه والأنصار بالرفع عطفا على السابقون. وعن عمر أنه كان يرى أن قوله - والذين اتبعوهم بإحسان - بغير واو صفة للأنصار حتى قال زيد إنه بالواو فقال: ائتوني بأبي، فقال: تصديق ذلك في أول الجمعة - وآخرين منهم - وأوسط الحشر - والذين جاءوا من بعدهم - وآخر الأنفال - والذين آمنوا من بعد - وروى أنه سمع رجلا يقرؤه بالواو فقال من أقرأك؟ قال أبى: فدعاه فقال: أقرأنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لتبيع القرظ بالبقيع، قال: صدقت وإن شئت قلت شهدنا وغبتم ونصرنا وخذلتم وآوينا وطردتم، ومن ثم قال عمر: لقد كنت أرانا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا، وارتفع السابقون بالابتداء وخبره (رضي الله عنهم) ومعناه رضى عنهم لأعمالهم (ورضوا عنه) لما أفاض عليهم من نعمته الدينية والدنيوية. وفى مصاحف أهل مكة: تجرى من
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»