الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
عملا " صالحا " وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم. خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم. ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم.
____________________
أموالكم شيئا، فنزلت - خذ من أموالهم - (عملا صالحا) خروجا إلى الجهاد (واخر سيئا) تخلفا عنه. عن الحسن وعن الكلبي: التوبة والاثم. فان قلت: قد جعل كل واحد منهما مخلوطا به؟ قلت: كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به، لأن المعنى خلط كل واحد منهما بالآخر كقولك: خلطت الماء واللبن، تريد خلطت كل واحد منهما بصاحبه، وفيه ما ليس في قولك خلطت الماء باللبن لأنك جعلت الماء مخلوطا واللبن مخلوطا به، وإذا قلته بالواو جعلت الماء واللبن مخلوطين ومخلوطا بهما كأنك قلت: خلطت الماء باللبن واللبن بالماء، ويجوز أن يكون من قولهم: بعث الشاء شاة ودرهما: بمعنى شاة بدرهم. فإن قلت: كيف قيل (أن يتوب عليهم) وما ذكرت توبتهم؟ قلت: إذا ذكر اعترافهم بذنوبهم وهو دليل على التوبة فقد ذكرت توبتهم (تطهرهم) صفة لصدقة. وقرئ تطهرهم من أطهره بمعنى طهره، وتطهرهم بالجزم جوابا للأمر. ولم يقرأ وتزكيهم إلا بإثبات الياء، والتاء في تطهرهم للخطاب أو لغيبة المؤنث، والتزكية مبالغة في التطهير وزيادة فيه، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال (وصل عليهم) واعطف عليهم بالدعاء لهم وترحم، والسنة أن يدعو المصدق لصاحب الصدقة إذا أخذها.
وعن الشافعي رحمه الله: أحب أن يقول الوالي عند أخذ الصدقة أجرك الله فيما أعطيت وجعله طهورا وبارك لك فيما أبقيت. وقرئ إن صلاتك على التوحيد (سكن لهم) يسكنون إليه وتطمئن قلوبهم بأن الله قد تاب عليهم (والله سميع) يسمع اعترافهم بذنوبهم ودعاءهم (عليم) بما في ضمائرهم والغم من الندم لما فرط منهم. وقرئ (ألم يعلموا) بالياء والتاء، وفيه وجهان: أحدهما أن يراد المتوب عليهم: يعنى ألم يعلموا قبل أن يتاب عليهم وتقبل صدقاتهم (أن الله هو يقبل التوبة) إذا صحت، ويقبل الصدقات إذا صدرت عن خلوص النية وهو للتخصيص والتأكيد، وأن الله تعالى من شأنه قبول توبة التائبين. وقيل معنى التخصيص في هو أن ذلك ليس إلى رسول الله صلى الله
(٢١٢)
مفاتيح البحث: التصدّق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»