____________________
الصدقات خاصة دون غيرهم على أنهم ليسوا منهم حسما لأطماعهم وإشعارا باستيجابهم الحرمان وأنهم بعداء عنها وعن مصارفها فما لهم وما لها وما سلطهم على التكلم فيها ولمز قاسمها صلوات الله وسلامه عليه. الأذن: الرجل الذي يصدق كل ما يسمع ويقبل قول كل أحد سمى بالجارحة التي هي آلة السماع كأن جملته أذن سامعة، ونظيره قولهم للربيئة عين. وإيذاؤهم له هو قولهم فيه هو أذن. وأذن خير كقولك رجل صدق، تريد الجودة والصلاح كأنه قيل نعم هو أذن ولكن نعم الأذن، ويجوز أن يريد هو أذن في الخير والحق وفيما يجب سماعه وقبوله وليس بأذن في غير ذلك، ودل عليه قراءة حمزة ورحمة بالجر عطفا عليه: أي هو أذن خير ورحمة لا يسمع غيرهما ولا يقبله. ثم فسر كونه أذن خير بأنه يصدق بالله لما قام عنده من الأدلة ويقبل من المؤمنين الخلص من المهاجرين والأنصار، وهو رحمة لمن آمن منكم: أي أظهر الإيمان أيها المنافقون، حيث يسمع منكم ويقبل إيمانكم الظاهر ولا يكشف أسراركم ولا يفضحكم، ولا يفعل بكم ما يفعل بالمشركين مراعاة لما رأى الله من المصلحة في الإبقاء عليكم، فهو أذن كما قلتم إلا أنه أذن خير لكم لا أذن سوء، فسلم لهم قولهم فيه إلا أنه فسر بما هو مدح له وثناء عليه وإن كانوا قصدوا به المذمة والتقصير بفطنته وشهامته وأنه من أهل سلامة القلوب والغرة. وقيل إن جماعة منهم ذموه صلوات الله عليه وسلامه وبلغه ذلك فاشتغلت قلوبهم، فقال بعضهم: لا عليكم فإنما هو أذن سامعة قد سمع كلام المبلغ فأذى ونحن نأتيه ونعتذر إليه فيسمع عذرنا أيضا فيرضى، فقيل هو أذن خير لكم. وقرئ أذن خير لكم على أن أذن خبر مبتدأ محذوف وخير كذلك: أي هو أذن هو خير لكم، يعنى إن كان كما تقولون فهو خير لكم لأنه يقبل معاذيركم ولا يكافئكم على سوء دخلتكم. وقرأ نافع بتخفيف الذال. فإن قلت: لم عدى فعل الإيمان بالباء إلى الله تعالى وإلى المؤمنين باللام؟ قلت: لأنه قصد التصديق بالله الذي هو نقيض الكفر به فعدى بالباء، وقصد السماع من المؤمنين وأن يسلم لهم ما يقولونه ويصدقه لكونهم صادقين عنده فعدى باللام، ألا ترى إلى قوله - وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين - ما أنباه عن الباء، ونحوه - فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه - أنؤمن لك واتبعك الأرذلون - آمنتم له قبل أن آذن لكم - فان قلت: ما وجه قراءة ابن أبي عبلة ورحمة بالنصب؟ قلت: هي علة معللها محذوف، تقديره ورحمة لكم يأذن لكم فحذف لأن قوله - أذن خير لكم - يدل عليه (لكم ليرضوكم) الخطاب للمسلمين، وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن أو يتخلفون عن الجهاد ثم يأتونهم فيعتذرون إليهم ويؤكدون معاذيرهم بالحلف ليعذروهم ويرضوا عنهم، فقيل لهم إن كنتم مؤمنين كما تزعمون فأحق من أرضيتم الله ورسوله بالطاعة والوفاق. وإنما وحد الضمير لأنه لا تفاوت بين رضا الله ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم، فكانا في حكم مرضى واحد كقولك: إحسان زيد وإجماله نعشني وجبر منى، أو والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك. المحاداة مفاعلة من الحد كالمشاقة من الشق (فأن له) على حذف الخبر أي فحق أن له (نار جهنم) وقيل معناه فله، وأن تكرير لأن في قوله أنه توكيدا، ويجوز أن يكون فأن له معطوفا على أنه على أن جواب من محذوف تقديره: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فأن له نار جهنم. وقرئ ألم تعلموا بالتاء. كانوا يستهزئون بالإسلام وأهله، وكانوا يحذرون أن يفضحهم الله بالوحي فيهم حتى قال بعضهم: والله لا أرانا إلا شر خلق الله، لوددت أنى قدمت فجلدت مائة جلدة وأن لا ينزل فينا شئ يفضحنا. والضمير