____________________
في عليهم وتنبئهم للمؤمنين وفي قلوبهم للمنافقين، وصح ذلك لأن المعنى يقود إليه، ويجوز أن تكون الضمائر للمنافقين لأن السورة إذا نزلت في معناهم فهي نازلة عليهم، ومعنى تنبئهم بما في قلوبهم كأنها تقول لهم في قلوبكم كيت وكيت: يعنى أنها تذيع أسرارهم عليهم حتى يسمعوها مذاعة منتشرة فكأنها تخبرهم بها، وقيل معنى يحذر الأمر بالحذر: أي ليحذر المنافقون. فإن قلت: الحذر واقع على إنزال السورة في قوله (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة) فما معنى قوله (مخرج ما تحذرون)؟ قلت: معناه محصل مبرز إنزال السورة، أو أن الله مظهر ما كنتم تحذرونه: أي تحذرون أظهاره من نفاقكم. بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا: انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتتح قصور الشأم وحصونه هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه عليه السلام على ذلك فقال: احبسوا على الركب، فأتاهم فقال: قلتم كذا وكذا، فقالوا: يا نبي الله لا والله ما كنا في شئ من أمرك ولا من أمر أصحابك، ولكن كنا في شئ مما يخوض فيه الركب ليقصر بعضنا على بعض السفر (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون) لم يعبأ باعتذارهم لأنهم كانوا كاذبين فيه، فجعلوا كأنهم معترفون باستهزائهم وبأنه موجود منهم حتى وبخوا بإخطائهم موقع الاستهزاء، حيث جعل المستهزأ به يلي حرف التقرير، وذلك إنما يستقيم بعد وقوع الاستهزاء وثبوته (لا تعتذروا) لا تشتغلوا باعتذاراتكم الكاذبة فإنها لا تنفعكم بعد ظهور سركم (قد كفرتم) قد ظهر كفركم باستهزائكم (بعد إيمانكم)) بعد إظهاركم الإيمان (إن يعف عن طائفة منكم) بإحداثهم التوبة وإخلاصهم الإيمان بعد اللفاق (تعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) مصرين على النفاق غير تائبين منه، أو إن نعف عن طائفة منكم لم يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستهزئوا فلم نعذبهم في العاجل نعذب في العاجل طائفة منهم بأنهم كانوا مجرمين مؤذين لرسول الله صلى الله عليه وسلم مستهزئين وقرأ مجاهد إن تعف عن طائفة على البناء للمفعول مع التأنيث والوجه التذكير لأن المسند إليه الطرف كما تقول سيرا بالدابة ولا تقول سيرت بالدابة، ولكنه ذهب إلى المعنى كأنه قيل: إن ترحم طائفة، فأنث لذلك وهو غريب، والجيد قراءة العامة إن يعف عن طائفة بالتذكير وتعذب طائفة بالتأنيث. وقرئ إن يعف عن طائفة يعذب طائفة على البناء للفاعل وهو الله عز وجل (بعضهم من بعض) أريد به نفى أن يكونوا من المؤمنين وتكذيبهم في قولهم: ويحلفون بالله إنهم لمنكم وتقرير قوله - وما هم منكم - ثم وصفهم بما يدل على مضادة حالهم لحال المؤمنين (يأمرون بالمنكر) بالكفر والمعاصي (وينهون عن المعروف) عن الإيمان والطاعات (ويقبضون أيديهم) شحا بالمبار والصدقات والإنفاق في سبيل الله (نسوا الله) أغفلوا ذكره (فنسيهم) فتركهم من رحمته وفضله (هم الفاسقون) هم الكاملون في الفسق الذي هو