الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٩٧
ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون. إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم
____________________
وقيل هو ابن ذي الخويصرة رأس الخوارج، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين فقال: اعدل يا رسول الله، فقال صلوات الله عليه وسلامه: ويلك إن لم أعدل فمن يعدل؟ وقيل هو أبو الجواظ من المنافقين قال: ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم وهو يزعم أنه يعدل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أبالك، أما كان موسى راعيا؟ أما كان داود راعيا؟ فلما ذهب قال عليه الصلاة والسلام: احذروا هذا وأصحابه فإنهم منافقون. وقرئ يلمزك بالضم ويلمزك ويلامزك، التثقيل والبناء على المفاعلة مبالغة في اللمز.
ثم وصفهم بأن رضاهم وسخطهم لأنفسهم لا للدين وما فيه صلاح أهله، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعطف قلوب أهل مكة يومئذ بتوفير الغنائم عليهم فضجر المنافقون منه، وإذا للمفاجأة أي وإن لم يعطوا منها فاجئوا السخط. جواب لو محذوف تقديره: ولو أنهم رضوا لكان خيرا لهم، والمعنى: ولو أنهم رضوا ما ما أصابهم به الرسول من الغنيمة وطابت به نفوسهم وإن قل نصيبهم، وقالوا كفانا فضل الله وصنعه، وحسبنا ما قسم لنا سيرزقنا الله غنيمة أخرى فيؤتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما آتانا اليوم (إنا إلى الله) في أن يغنمنا ويخولنا فضله لراغبون (إنما الصدقات للفقراء) قصر لجنس الصدقات على الأصناف المعدودة وأنها مختصة بها لا تتجاوزها إلى غيرها كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم، ونحوه قولك: إنما الخلافة لقريش تريد لا تتعداهم ولا تكون لغيرهم، فيحتمل أن تصرف إلى الأصناف كلها وأن تصرف إلى بعضها، وعليه مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه . وعن حذيفة وابن عباس وغيرهما من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أنهم قالوا: في أي صنف منها وضعتها أجزأك. وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه: لو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعففين فجبرتهم بها كان أحب إلى. وعند الشافعي رضي الله عنه: لابد من صرفها إلى الأصناف الثمانية. وعن عكرمة رضي الله عنه أنها تفرق في الأصناف الثمانية. وعن الزهري أنه كتب لعمر بن عبد العزيز تفريق الصدقات على الأصناف الثمانية (والعاملين فيها) السعاة الذين يقبضونها (والمؤلفة قلوبهم) أشراف من العرب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألفهم على أن يسلموا فيرضخ لهم شيئا منها حين كان في المسلمين قلة. والرقاب: المكاتبون يعانون منها، وقيل الأسارى، وقيل تبتاع الرقاب فتعتق (والغارمين) الذين ركبتهم الديون ولا يملكون بعدها ما يبلغ النصاب. قيل الذين تحملوا الحمالات فتدينوا فيها وغرموا (وفي سبيل الله) فقراء الغزاة والحجيج المنقطع بهم (وابن السبيل) المسافر المنقطع عن ماله فهو فقير حيث هو غنى حيث ماله (فريضة من الله) في معنى المصدر
(١٩٧)
مفاتيح البحث: سبيل الله (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»